اقتصاد المغربالأخبارالشركات

المكتب الوطني للسكك الحديدية تحت وطأة الديون.. استثمارات طموحة أم مخاطرة مالية؟

تتصاعد التحديات المالية التي تواجه المكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF)، حيث كشفت وثائق قانون المالية لسنة 2025 عن ديون متراكمة تخطت 42 مليار درهم، مما يسلط الضوء على هشاشة الوضع المالي للمؤسسة التي تعد شريان النقل الحيوي في المغرب.

هذا الرقم الكبير يثير قلقًا متزايدًا حول قدرة المكتب على مواجهة التزاماته المالية في ظل سياسة الاقتراض المستمرة.

وفي محاولة لاحتواء هذه الأزمة، حصل المكتب مؤخرًا على موافقة مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي على قرض جديد بقيمة تقارب 350 مليون درهم، موجه لدعم مشروع تحديث شبكة السكك الحديدية، خصوصًا لإنشاء خطوط كهربائية تربط الدار البيضاء بضواحيها، إضافة إلى تحديث البنية التحتية لمواجهة التحديات المناخية، بما يتماشى مع رؤية الاستدامة والانتقال الطاقي التي تسعى إليها البلاد.

تبرر إدارة المكتب هذا التوجه المالي بتوسيع الاستثمارات التنموية، والتي تركز بشكل رئيسي على تطوير النقل الحضري وتحسين الربط بين المراكز الاقتصادية الكبرى، من أجل تعزيز قدرة الشبكة الوطنية على تلبية الطلب المتزايد على التنقل.

وفي إطار الاستعدادات لاستضافة المغرب لكأس العالم 2030، أطلق المكتب خطة استثمارية ضخمة تقدر بنحو 87 مليار درهم، تهدف إلى توسيع الطاقة الاستيعابية للشبكة الوطنية، وتطوير 15 محطة متعددة الوسائط، بالإضافة إلى زيادة السعة على طول 73 كيلومترًا من الخطوط السككية.

ويعتبر مشروع القطار فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش من أبرز ملامح هذه الرؤية، إلى جانب تعزيز الربط الإقليمي وتحسين وسائل التنقل داخل المدن الكبرى.

مع ذلك، تثير هذه الخطط الطموحة مخاوف كبيرة في الأوساط الاقتصادية، حيث يؤكد خبراء النقل والاقتصاد أن استراتيجية الاقتراض المكثف التي يعتمدها المكتب قد تعرضه لمخاطر مالية جسيمة.

فهم يحذرون من إمكانية انزلاق المؤسسة في فخ المديونية المزمنة، لا سيما في ظل غياب مردودية تشغيلية كافية لتغطية التكاليف المرتبطة بالاستثمارات الضخمة.

وسط هذه التحديات، يظل مستقبل المكتب مرتبطًا بشكل وثيق بدعم الحكومة من خلال توقيع عقد برنامج جديد يضمن التمويل العمومي الضروري.

وحتى ذلك الحين، يعتمد المكتب بشكل رئيسي على الدعم الحكومي للحفاظ على استقرار وضعه المالي، ومواصلة تنفيذ مشاريع تطويرية تعِد بتحويل تجربة النقل السككي في المغرب نحو آفاق أكثر حداثة واستدامة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى