الذكاء الاصطناعي بين الطموح والتحذير…موجة استثمارية قد تحمل مفاجآت

مع تصاعد الاهتمام العالمي بالذكاء الاصطناعي، تتسارع الاستثمارات في هذا القطاع بوتيرة غير مسبوقة، ما أعاد الحديث عن احتمال تكوّن “فقاعة استثمارية”، على غرار ما حدث في انفجار فقاعة الإنترنت أواخر التسعينيات، رغم اختلاف السياق الاقتصادي والمالي الحالي.
حذر “سام ألتمان”، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”، من احتمال تشكل فقاعة استثمارية في الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى تقييمات بعض الشركات التي وصفها بأنها “غير منطقية”، وسرعة تدفق رؤوس الأموال بشكل كبير.
وأضاف أن هذا الحماس المفرط قد يهدد استقرار السوق، خاصة مع زيادة الإنفاق على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.
استجابت شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة للطلب المتزايد على الذكاء الاصطناعي برفع توقعاتها للإنفاق الرأسمالي هذا العام؛ حيث تخطط “مايكروسوفت” لنفقات تصل إلى 120 مليار دولار، و”أمازون” لأكثر من 100 مليار، بينما تصل نفقات “ألفابت” إلى 85 مليار دولار.
من جانبه، يرى “جو تساي”، رئيس مجلس إدارة “علي بابا”، أن السباق لبناء مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي قد يتجاوز حجم الطلب الفعلي، محذرًا من تمويل مشاريع بدون عقود واضحة مع العملاء، وهو ما قد يشير إلى احتمالية تشكل فقاعة استثمارية مستقبلية.
و على الجانب الآخر، استبعد “روب رووي”، محلل لدى “سيتي بنك”، مقارنة موجة الذكاء الاصطناعي الحالية وفقاعة “دوت كوم”، موضحًا أن الشركات اليوم تتمتع بأرباح قوية وتدفقات نقدية مستقرة تمول معظم عملياتها، خلافًا لشركات الإنترنت في التسعينيات التي اعتمدت على التمويل المفرط دون تحقيق أرباح حقيقية.
وأكد “رووي” أن الاستثمار الحالي في الذكاء الاصطناعي مدفوع بتحولات هيكلية في الاقتصاد العالمي، خصوصًا النمو السريع للخدمات الرقمية التي تشكل حصة كبيرة من الصادرات العالمية، مما يفسر استمرار توسع الإنفاق على التكنولوجيا.
يتوجس المستثمرون من ارتفاع أسعار أسهم التكنولوجيا، خاصة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وسط منافسة صينية قوية من نماذج عالية الأداء وبتكلفة أقل، مثل “ديب دسيك”، التي أثارت ضجة في وول ستريت مطلع هذا العام.
وفي تقرير بعنوان “بعد 25 عامًا؛ دروس من انفجار فقاعة الإنترنت”، أشار محللو “جولدمان ساكس” إلى أن صعود أسهم التكنولوجيا مؤخراً لا يعكس فقاعة، نظرًا لاعتماده على أسس مالية قوية للشركات.
لكن “تورستن سلوك”، كبير الاقتصاديين في “أبولو جلوبال مانجمنت”، حذر من أن أكبر 10 شركات في مؤشر “S&P 500” اليوم مبالغ في تقييمها أكثر مما كانت عليه في التسعينيات، ما قد يجعل أي تصحيح في السوق أكثر حدة هذه المرة.
يبقى الاستثمار في الذكاء الاصطناعي فرصة واعدة على المدى الطويل، لكنه يحمل مخاطر على المدى القصير، مما يستدعي من المستثمرين تبني استراتيجيات حذرة وتنويع محافظهم لتجنب أي صدمة محتملة عند حدوث تصحيح في السوق.