اقتصاد المغربالأخبار

الحمضيات المغربية تكتسح الأسواق الأوروبية مستفيدةً من تراجع المنافسين

شهدت صادرات الحمضيات المغربية، وفي مقدمتها فاكهتا الكليمنتين واليوسفي، “طفرة” غير مسبوقة في الأسواق الأوروبية خلال موسم 2024-2025، مسجلةً ارتفاعاً مذهلاً بلغت نسبته 85 في المائة مقارنة بالموسم الماضي.

هذا الازدهار الكبير وضع المغرب بثبات في صدارة الموردين الرئيسيين للاتحاد الأوروبي، مستفيداً بشكل مباشر من تراجع الإنتاج لدى أبرز المنافسين الإقليميين؛ إسبانيا ومصر.

ووفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن المديرية العامة للزراعة والتنمية الريفية بالمفوضية الأوروبية، برز المغرب إلى جانب جنوب إفريقيا كـ “قوتين” صاعدتين تعززان حضورهما في سوق الحمضيات بالاتحاد الأوروبي، وذلك في ظل انخفاض الإنتاج الإجمالي بدول نصف الكرة الشمالي.

سجلت واردات الاتحاد الأوروبي من فئة الحمضيات الصغيرة (الكليمنتين واليوسفي) زيادة إجمالية قدرها 15 في المائة، لتصل إلى 555 ألفاً و155 طناً.

وفي هذا الإطار، احتل المغرب المركز الثاني في قائمة الموردين، خلف جنوب إفريقيا، بصادرات بلغت 137 ألفاً و945 طناً، وهو ما يمثل قفزة نوعية بلغت 85 في المائة مقارنة بالموسم السابق، و28 في المائة مقارنة بمتوسط السنوات الخمس الماضية.

ويُعزى هذا الأداء الاستثنائي إلى ما يُعرف بـ “النافذة الزمنية” المميزة للإنتاج المغربي، التي تسمح بوصول المنتجات إلى الأسواق الأوروبية قبل بدء الموسم المحلي الإسباني، بالإضافة إلى الاتفاقيات التفضيلية مع الاتحاد الأوروبي التي تمنح الحمضيات المغربية ميزة تنافسية عالية بفضل انخفاض تكاليف الإنتاج ومرونة الشروط الصحية النباتية.

لم يقتصر التفوق المغربي على الاتحاد الأوروبي ككل، بل اخترق بعمق السوق الإسبانية ذاتها، إذ أظهرت بيانات وزارة الزراعة الإسبانية تراجعاً في إجمالي واردات الحمضيات الإسبانية بنسبة 16 في المائة، إلا أن الحمضيات الصغيرة المغربية مثلت استثناءً لافتاً، حيث ارتفعت صادراتها نحو إسبانيا بنسبة مذهلة وصلت إلى 190 في المائة مقارنة بالموسم السابق، ليصبح المغرب المورد الأجنبي الأول لهذه الفئة إلى السوق الإسبانية.

هذا التحول أثار قلقاً واسعاً لدى المزارعين الإسبان. حيث حذر كارليس بيريس، الأمين العام لاتحاد المزارعين والمنتجين الإسبان، من أن تراجع الإنتاج المحلي “يفسح المجال أمام منتجين من الجنوب، مثل المغرب وجنوب إفريقيا، الذين يستغلون الظرف المناخي والموسمي لصالحهم”.

كما انتقد بيريس ما وصفه بـ “ازدواجية المعايير” المطبقة، مشيراً إلى أن المعايير البيئية والاجتماعية المفروضة على المنتجين الأوروبيين لا تُطبَّق بالصرامة ذاتها على المنافسين الأجانب.

على صعيد البرتقال، بلغت واردات الاتحاد الأوروبي مستوى شبه مستقر بلغ 934 ألفاً و334 طناً. لكن اللافت هو التغير الواضح في مصادر التوريد؛ إذ ارتفعت واردات جنوب إفريقيا بنسبة 46 في المائة، بينما تراجعت واردات مصر بنسبة 30 في المائة.

وتؤكد هذه المؤشرات أن الحمضيات المغربية باتت “لاعباً محورياً” لا يمكن تجاوزه في السوق الأوروبية، مستفيدة من موقع المملكة الجغرافي القريب، وجودة إنتاجها، وتنافسية تكاليفها، إضافة إلى الاستغلال الأمثل لاختلالات الإمداد لدى المنافسين التقليديين في ضفة المتوسط الشمالية.

ويبدو أن المغرب يتجه بثبات نحو ترسيخ موقعه كمصدر أساسي للحمضيات الصغيرة في أوروبا، مستفيداً من تحولات هيكلية في سلاسل التوريد الزراعية داخل القارة العجوز.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى