اقتصاد المغربالأخبار

الاختيار الأصعب: من سيتولى حماية استقلالية بنك المغرب بعد عهد الجواهري؟

تتصاعد خلف الأبواب الموصدة للمجلس المركزي لبنك المغرب وتيرة تحركات توصف بـ “شديدة الحساسية”، ترسم الملامح النهائية لهوية الربان المرتقب الذي سيتسلم مقاليد السلطة النقدية في المملكة خلفاً لـ عبد اللطيف الجواهري.

وتفيد المعطيات بأن “عملية العبور” نحو مرحلة ما بعد الجواهري تسير في وتيرة سرية، محاطة بسياج من الكتمان والانضباط الصارم، في مسعى يهدف إلى تكريس انتقال سلس يحفظ للمؤسسة هيبتها الدولية ووقارها التاريخي الذي تراكم عبر عقود.

وتأتي هذه الحركية الاستثنائية، التي تنهي حقبة تجاوزت العشرين عاماً، بالتزامن مع منعرج مالي حاسم، مما جعل ملف الخلافة يوضع ضمن “مربع الأولويات السيادية” للدولة، لضمان استمرارية الدقة في اتخاذ القرارات المصيرية المرتبطة بالتضخم والسيولة وتوازنات الاقتصاد الكلي.

وفي تفاصيل مثيرة حول بروفايل الوالي القادم، فإن معايير الاختيار وضعت تحت مجهر “الاحترافية التقنية” التي لا تقبل المساومة، حيث تقرر بشكل حاسم فرض “فيتو” غير معلن ضد جميع الأسماء ذات الخلفيات السياسية أو الحزبية التي ترددت في الصالونات الإعلامية مؤخراً.

وينطلق هذا التوجه من رؤية استراتيجية تؤمن بأن إدارة “بنك المركزي” تتطلب كفاءة “تكنوقراطية” محضة قادرة على فك شفرات الموازنات المعقدة، بعيداً عن أي حسابات انتخابية أو تجاذبات حكومية، وهو ما يضمن استقلالية المؤسسة وحيادها المطلق.

وبناءً على هذه المعطيات، انحصرت “بورصة المرشحين” في دائرة ضيقة للغاية تضم كفاءات من طراز رفيع، إما من داخل النواة الصلبة لبنك المغرب الذين تشبعوا بعقيدته الصارمة، أو من الخبراء المغاربة الذين يتبوؤون مراكز قيادية في كبرى المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد والبنك الدولي، لضمان الحفاظ على “الذاكرة المؤسساتية” وتعزيز ثقة الشركاء والمانحين.

إن اختيار خليفة الجواهري في هذا التوقيت الحرج يتجاوز كونه تعييناً إدارياً، بل هو “رسالة سيادية مشفرة” موجهة للأسواق والمستثمرين عبر العالم، مفادها أن استقرار العملة الوطنية وأمن المملكة المالي هما خطوط حمراء وثوابت بنيوية لا ترتبط بالأشخاص.

وبينما يترقب الجميع الإعلان الرسمي وفق المساطر القانونية المعمول بها، يبدو أن بنك المغرب بصدد تدشين حقبة جديدة تقودها شخصية تجمع بين صرامة الرعيل الأول وبين الانفتاح الرقمي اللازم لمواجهة تحديات العملات المشفرة والذكاء الاصطناعي المالي، لضمان استدامة المصداقية المغربية في وجه العواصف الاقتصادية العابرة للقارات.

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى