ارتفاع أسعار الغذاء بسبب تغير المناخ..موجات حرّية تقلب موازين الأسواق العالمية

تشهد أسعار المواد الغذائية حول العالم ارتفاعات مفاجئة وحادة، مدفوعة بتغيرات مناخية متطرفة أصبحت أكثر تواترًا.

ففي فيتنام وحدها، قفزت أسعار قهوة الروبوستا بنحو 100% بين يناير ويوليو 2024، بعد موجة حر غير مسبوقة ضربت البلاد في فبراير، وهو ما يعكس نمطًا جديدًا لارتباط الأسعار بتقلبات الطقس في المدى القصير وليس الطويل فقط كما كان معتادًا.

تأثير تغير المناخ لم يعد مقتصرًا على درجات الحرارة المرتفعة، بل أصبح يهدد أمن الغذاء العالمي. الزراعة، الحساسة بطبيعتها لعوامل مثل الحرارة، الأمطار، والآفات، أصبحت تواجه صعوبات متزايدة في الحفاظ على إنتاجية وجودة المحاصيل.

وهذا ما يعكسه تراجع متوقع في إنتاج محاصيل استراتيجية، مثل الموز – رابع أهم محصول غذائي عالميًا – في دول رئيسية كالهند والبرازيل، بحسب دراسة لمنظمة “كريستيان إيد”.

وفي هذا السياق، أظهرت دراسة حديثة قادها مركز “برشلونة سوبركومبيوتر سنتر” أن ظروف الطقس المتطرفة كانت وراء قفزات سعرية قياسية بين 2022 و2024 لمجموعة واسعة من السلع، من البطاطس في المملكة المتحدة إلى البصل في الهند والقهوة في البرازيل.

الدراسة التي حللت 16 حالة عالمية أظهرت كيف أن موجات الحر والجفاف والأمطار الغزيرة فاقمت من تقلبات الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.

لكن الخطر لا يقف عند حدود السوق. ارتفاع أسعار الغذاء يؤدي إلى آثار اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق، خاصة في المجتمعات ذات الدخل المنخفض.

فتكلفة الغذاء الصحي باتت بعيدة المنال للكثيرين، ما يدفعهم لاستهلاك أطعمة أقل جودة غذائية، مما يفاقم مشكلات مثل سوء التغذية وانتشار الأمراض المزمنة، ويغذي التضخم الذي قد يفضي إلى اضطرابات سياسية كما حدث في موزمبيق عام 2010 عندما قفزت أسعار الخبز بفعل أزمة تصدير القمح الروسية.

ويرى الباحث “ماكسيميليان كوتز” أن هذه التحديات ستزداد حدة مستقبلاً، محذرًا من أن سيناريوهات ارتفاع الأسعار ستتكرر طالما لم يتم بلوغ هدف صافي انبعاثات صفري. إذ ستزداد موجات الطقس المتطرفة التي تضر بالمحاصيل وتدفع بأسعار الغذاء للارتفاع عالميًا.

الأزمة أيضًا تؤثر على السياسات النقدية، إذ يُجبر التضخم الناتج عن الغذاء البنوك المركزية على اتخاذ قرارات صعبة، خاصة في الاقتصادات الناشئة التي يمثل الغذاء فيها وزنًا كبيرًا في سلة أسعار المستهلك.

في المجمل، تقدم الدراسة تحذيرًا صارخًا: إذا استمر النظام الغذائي العالمي في استجابته الحالية لتقلبات المناخ، فإن أسعار الغذاء ستشهد مستقبلاً ارتفاعات أكثر شدة وأقل قابلية للتنبؤ، ما يجعل التكيف مع التغير المناخي ضرورة لا تحتمل التأجيل.