الاقتصاديةالأسهم

التحليل الفني والأساسي: مزيج مثالي لتحقيق النجاح في سوق الأسهم

يثار جدل كبير بين أنصار التحليل الفني والأساسي في سوق الأسهم، حيث يرى المؤيدون للتحليل الفني أنه الوسيلة المثلى لتحقيق أرباح سريعة وزيادة رأس المال رغم المخاطر المرتبطة به.

وفي المقابل، يفضل أنصار التحليل الأساسي الاعتماد على استراتيجيات طويلة الأمد تركز على الاستقرار وزيادة رأس المال عبر فترات زمنية ممتدة.

يتمحور التحليل الأساسي حول دراسة قطاع الشركة التي يتم التفكير في الاستثمار بها، مع فحص موقفها التنافسي وأداء قوائمها المالية، مثل الإيرادات، الأصول، والديون.

كما يتضمن مقارنة مضاعف الأرباح مع الشركات المماثلة في نفس القطاع. بينما يقتصر دور التحليل الفني على تحديد أوقات الدخول والخروج من السوق بناءً على الأنماط التاريخية للأسعار وحجم التداول.

من المهم الإشارة إلى أن الاعتماد الكامل على التحليل الفني يمكن أن يؤدي إلى نسب ربحية منخفضة في السوق، حيث لا يتجاوز معدل الربح للمضاربين في أفضل الظروف 2%.

2cae82ab da04 430c 9e03 553d6e989f8e Detafour

بينما يرتفع هذا المعدل بشكل ملحوظ للمستثمرين الذين يستخدمون التحليل الأساسي أو يدمجون بين النوعين، حيث أظهرت الشركات الكبرى لإدارة الأصول مثل “بلاك روك”، “فيديلتي”، “فانغارد”، و”ستيت ستريت” ميلها نحو دمج التحليلين الاستراتيجيين لتحقيق أفضل النتائج.

بفضل تطور الذكاء الاصطناعي، أصبحت هذه الشركات تعتمد على دمج التحليلين بطريقة مبتكرة. في حين يتخذ المحللون البشر القرارات الاستراتيجية المرتبطة باختيار الأسهم استنادًا إلى التحليل الأساسي، يعتمد الذكاء الاصطناعي على تحليل أنماط السوق من خلال تتبع حجم التداول ومستويات الدعم والمقاومة وتوقيت توزيع الأرباح.

تتفاوت قدرة الذكاء الاصطناعي في تأثيره على أرباح الشركات بين 8% و15%، حسب تقارير متخصصة، حيث يُحسن توقيت الدخول والخروج بناءً على البيانات الضخمة التي يتم تحليلها.

و مع العلم أن نحو 78% من المتداولين في الأسواق الأمريكية يستخدمون التحليل الفني أو يتبعونه لتحقيق مكاسب، ويُمكن للذكاء الاصطناعي تحديد الاتجاهات التي يتبعها هؤلاء المتداولون للاستفادة منها في دمج التحليلين الفني والأساسي معًا.

و بالنسبة للمتداول العادي، توجد بعض الفرص التي يمكنه الاستفادة منها، مثل سوق الأسهم الأوروبية حيث يشكل توزيع الأرباح فرصة استثمارية. في أكثر من 80% من الشركات الأوروبية، تنخفض قيمة السهم بعد توزيع الأرباح بمقدار يفوق قيمة الأرباح الموزعة، مما يجعل فترة التوزيع “قاعًا وهميًا” يمكن للمستثمرين الشراء فيه.

و عند دمج التحليل الفني والأساسي، ترتفع احتمالية تحقيق المكاسب بشكل كبير. على سبيل المثال، أظهرت دراسة آسيوية في أسواق كوريا الجنوبية أن المتداولين الذين يدمجون التحليلين يحققون أرباحًا بنسبة تتراوح بين 60% و70%.

ورغم أن دمج التحليلين ليس بالأمر السهل، إلا أنه يتيح للمستثمرين تحقيق نتائج أفضل مقارنة بمن يعتمدون على التحليل الأساسي فقط.

و رغم فوائد دمج التحليلين، قد يخطئ التحليل الفني في تحديد القيعان والقمم لأنّه يعتمد على التاريخ، الذي لا يُكرر دائمًا نفس الأنماط. ومع ذلك، يضمن التحليل الأساسي استثمارًا في شركات ذات أسس قوية، مما يساعد على تقليل المخاطر في الاستثمارات طويلة الأجل.

بحسب دراسات حول المتداولين الناجحين، الذين يمزجون بين التحليلين، فإنهم يحققون أرباحًا تتراوح بين 7% و10% أكثر من الذين يعتمدون فقط على التحليل الأساسي، وذلك بفضل قدرتهم على توقيت الدخول إلى السوق بشكل أفضل.

ec062dfc 835e 4db9 8810 3f2e8b161a87 Detafour

و على سبيل المثال، إذا قرر متداول الاستثمار في سهم “أبل”، يجب عليه تحليل مضاعف ربحية الشركة، الذي كان حوالي 37 في 1 نوفمبر، مقارنةً بمضاعف الربحية المتوسط للشركات في مؤشر “ناسداك” التكنولوجي، الذي بلغ حوالي 47. بناءً على التحليل الأساسي، يُمكن للمتداول اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان الاستثمار في “أبل” مجديًا أم لا.

إذا كان المتداول يتوقع تراجع مؤشر “ناسداك” بسبب تقارير سلبية، فإن التحليل الفني سيساعده على تحديد الوقت المناسب للدخول إلى السهم بعد تراجع قيمته، مما يوفر له فرصة للشراء عند قاع السوق.

يعد مؤشر نسبة الشركة إلى القطاع مهمًا أيضًا، حيث يُظهر كيفية تأثر سهم الشركة بتغيرات المؤشر العام للقطاع. إذا ارتفع مؤشر “ناسداك” بنسبة 1%، فإن سهم “أبل” سيرتفع بنسبة 0.7%، والعكس بالعكس. يساعد هذا المؤشر المتداولين على شراء الأسهم بسعر أقل عندما يتوقعون انخفاضًا في المؤشر العام، مما يعزز من فرص تحقيق مكاسب إضافية.

في فترات التصحيح، حيث تنخفض الأسواق بنسبة أقل من 10%، يُعتبر الدمج بين التحليلين الفني والأساسي وسيلة فعّالة لدخول السوق. في مثل هذه الفترات، غالبًا ما تكون الأسهم ذات القيمة العالية قد شهدت انخفاضًا غير مبرر، ما يجعلها فرصة جيدة للاستثمار.

إن دمج التحليل الفني والأساسي يساهم في تجنب الأخطاء التي يقع فيها غالبية المتداولين، حيث يمكن شراء الأسهم في “القيعان” بدلاً من “القمم”، مما يقلل من فترة احتفاظ المستثمر بالأسهم ويزيد من أرباحه.

على الرغم من أن توقيت السوق ليس أمرًا سهلاً، فإن اتباع هذه الاستراتيجية مع الالتزام بالاستثمار طويل الأجل يعد الطريق الأمثل لتحقيق النجاح في أسواق الأسهم.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى