هل الصواريخ الباليستية هي الحسم النهائي في الحروب الحديثة؟
شهد العالم في عام 1944 إطلاق ألمانيا لأول صاروخ باليستي على لندن وباريس، وهو ما شكل تحولًا مفصليًا في مسار الحرب العالمية الثانية.
وعلى الرغم من أن الحرب انتهت بفوز الحلفاء على ألمانيا النازية ودول المحور، فإن تأثير هذا السلاح استمر في الحروب التالية وكان له دور كبير في توازن الصراعات العسكرية.
ومؤخرًا، أطلقت روسيا صاروخًا باليستي من طراز “أوريشنيك”، المعروف أيضًا بشجرة البندق، والذي يتجاوز سرعته سرعة الصوت بعشر مرات، مستهدفًا منطقة دنيبرو الأوكرانية.
وقد أثار إطلاق هذا الصاروخ قلقًا كبيرًا بين الخبراء العسكريين، الذين اعتبروا أن هذا قد يؤدي إلى تصعيد الحرب بين روسيا وأوكرانيا. كما اعتبر الكرملين إطلاقه بمثابة تحذير لدول الغرب التي، بحسب روسيا، تتخذ “قرارات متهورة” بإرسال الأسلحة إلى كييف.
الصواريخ الباليستية هي صواريخ تنطلق إلى الفضاء الخارجي ثم تعود لتسقط على هدف معين على الأرض.
تُعتبر هذه الصواريخ من أسلحة الحرب الحديثة الفعّالة نظرًا لقدرتها على تدمير أهداف حيوية مثل القواعد العسكرية والمرافق الصناعية بفضل سرعتها العالية وقدرتها التدميرية.
وتصنف الصواريخ الباليستية إلى قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، ويمكن أن تحمل رؤوسًا حربية تقليدية أو كيماوية أو حتى نووية.
و في عام 1944، أطلقت ألمانيا أول صاروخ V-2 الذي كان يحمل حوالي 900 كجم من المتفجرات في هجماته على لندن وباريس. ورغم أن هذا الصاروخ لم يكن دقيقًا للغاية، إلا أن ألمانيا أطلقت منه ما يزيد عن 3000 صاروخ على مدار عدة أشهر، مما أسفر عن مقتل الآلاف.
بعد الحرب العالمية الثانية، انتشر العديد من العلماء الألمان إلى الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، حاملين معهم تقنيات الصواريخ الألمانية، مما أدى إلى تطوير قدرات صاروخية متقدمة من قبل القوى العظمى في فترة الحرب الباردة.
واستخدمت هذه الصواريخ في العديد من الصراعات العسكرية بعد الحرب، بما في ذلك الحرب الإيرانية العراقية والحرب الأهلية الأفغانية.
اليوم، هناك حوالي 31 دولة تمتلك صواريخ باليستية، من بينها 9 دول تمتلك رؤوسًا نووية.
ومن بين هذه الدول، تعد الولايات المتحدة وروسيا والصين من الدول الرائدة في مجال الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. وقد شهدت هذه الصواريخ تطورًا هائلًا في السنوات الأخيرة، مما يزيد من دقتها وقدرتها على اختراق الأنظمة الدفاعية التقليدية.
أقوى 10 صواريخ باليستية عابرة للقارات (حتى عام 2022) |
||||||
الترتيب |
|
الدولة |
|
الصاروخ |
|
المدى (بالكيلومتر) |
1 |
|
أمريكا |
|
تريدينت 2 |
|
7800 عند التحميل الكامل (يصل إلى 12 ألفًا مع تخفيف الحمولة) |
2 |
|
روسيا |
|
آر-36 أم 2 فويفودا |
|
11 ألفًا |
3 |
|
روسيا |
|
آر إس-24 يارس |
|
12 ألفًا |
4 |
|
أمريكا |
|
آل جي أم 030 جي مينيوتمان 3 |
|
13 ألفًا |
5 |
|
روسيا |
|
آر-29 آرإم يو 2 لاينر |
|
8300 عند التحميل الكامل (يصل إلى 12 ألفًا مع تخفيف الحمولة) |
6 |
|
فرنسا |
|
إم 51 |
|
8 آلاف عند الحمولة الكاملة (يصل إلى 10 آلاف مع تخفيف الحمولة) |
7 |
|
الصين |
|
دي إف-41 |
|
12 ألفًا |
8 |
|
الصين |
|
دي إف-31 إيه جي |
|
11 ألفًا |
9 |
|
الصين |
|
جيه إل-3 |
|
9 آلاف (يصل إلى 12 ألفًا مع تخفيف الحمولة) |
10 |
|
روسيا |
|
بولافا |
|
9500 |
رغم قدرات الصواريخ الباليستية المدمرة، فإن استخدامها يتطلب تكاليف ضخمة. على سبيل المثال، البرنامج الأمريكي “سينتينيل” لاستبدال الصواريخ الباليستية العابرة للقارات تكلف نحو 141 مليار دولار.
ومع ذلك، ورغم أهمية هذه الصواريخ في الحروب الحديثة، لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت ستُحسم الحروب. فالنصر في الحرب يعتمد على عوامل عدة تتجاوز مجرد سلاح معين، مثل الاستراتيجيات العسكرية، وتكتيكات القوات البرية والجوية، والموارد اللوجستية.
في النهاية، لا شك أن الصواريخ الباليستية تشكل أداة حاسمة في الحروب الحديثة، ولكنها تظل جزءًا من استراتيجية شاملة تحتاج إلى أن تشمل مختلف جوانب النزاع، بما في ذلك القدرة على الصمود، والتحالفات، والاستراتيجية العسكرية العامة.