تعزيز الرقابة على أرباح المؤثرين في المغرب: موازنة بين النمو الرقمي والامتثال للقوانين المالية
في خطوة مهمة تزامنت مع مصادقة الغرفة الأولى للبرلمان، مساء الجمعة، على مشروع قانون المالية رقم 60.24 للسنة المالية 2025، عاد النقاش حول “تضريب” أرباح المؤثرين وصناع المحتوى على الإنترنت، في وقت يشهد فيه القطاع الرقمي نمواً متسارعاً، حيث يتطلب الأمر مراقبة دقيقة للموارد المالية الناتجة عن هذه الأنشطة ضمن ما يُعرف بـ”مراقبة تصدير الخدمات”.
وفقًا لمعطيات رسمية من مكتب الصرف، فإن “عمليات تصدير الخدمات من قبل الأشخاص الطبيعيين تخضع للرقابة من قبل مصالح الإشراف التابعة للمكتب، وذلك لضمان التزامها بالقوانين المالية المغربية.”
وأضاف مصدر مطلع أن المكتب كثَّف مراسلاته إلى المؤثرين المغاربة الذين تلقَّوا أموالًا من الخارج، لتوعيتهم بأهمية إعادة تحويل عائدات تصدير الخدمات إلى المغرب، مؤكداً أن التعاون مع المديرية العامة للضرائب في هذا المجال يسير في تنسيق وثيق.
ومع تزايد الأنشطة الرقمية والتطورات التكنولوجية السريعة، أشار المصدر إلى أن مكتب الصرف أنشأ وحدة مختصة لمتابعة المعاملات الرقمية، حيث تتولى هذه الوحدة مراقبة عمليات تصدير الخدمات التي تتم عبر منصات الإنترنت.
وتعتمد هذه الوحدة على أدوات وتقنيات متطورة تتيح تتبع العمليات المشبوهة بدقة عالية، بدعم من قاعدة بيانات شاملة لضمان مراقبة فعّالة.
ومنذ عام 2018، خصص مكتب الصرف خدمة لمراقبة العمليات المالية مع الخارج التي يقوم بها الأفراد. وقد شهد عام 2019 أول عملية مراقبة لعيّنة من عمليات تصدير الخدمات عبر الإنترنت.
وحسب الأرقام المتاحة، فقد بلغت قيمة “الأنشطة الرقمية وتصدير الخدمات” للأشخاص الطبيعيين حوالي 3 مليارات درهم (ما يعادل 300 مليار سنتيم) بين عامي 2018 و2022.
وتتمثل “الأنشطة التي يقدمها الأشخاص الطبيعيون المقيمون في المغرب مقابل أجور من الخارج” في عمليات تصدير خدمات وفقاً للقوانين المعمول بها في مجال الصرف.
وتشمل الرقابة أهدافاً رئيسية، مثل كشف ومعاقبة أي خروقات قد تحدث، مثل عدم إعادة تحويل العائدات أو تحويل أموال إلى الخارج بطرق غير قانونية، بما في ذلك فتح حسابات بنكية في الخارج أو استخدام عائدات التصدير في أغراض غير مشروعة.
وأكد المصدر ذاته أن هذا القطاع يعتبر مصدرًا مهمًا للعملات الأجنبية، مما يستدعي تطوير إطار قانوني وتنظيمي ملائم. كما أشار إلى أن مكتب الصرف منفتح على الاقتراحات والتحسينات بهدف مواكبة احتياجات المواطنين والمشغلين الاقتصاديين في هذا المجال.
ويأتي هذا في وقت أصبح فيه العمل الرقمي عبر الإنترنت مهنة قائمة بذاتها للعديد من الأفراد المقيمين في المغرب، حيث يقدمون خدماتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي مقابل تعويضات مالية، مما يضاعف الحاجة إلى تنظيم هذا القطاع بشكل يضمن الامتثال للقوانين المالية والضريبية.
ويُعرف تصدير الخدمات بأنه “أي خدمة تُقدّم داخل المغرب أو خارجه من قبل مقيم لفائدة غير مقيم، مقابل مكافأة مالية”. وفقًا لـ “دليل تعليمات عمليات الصرف” لعام 2024، يُشترط على المصدرين الامتثال للآجال المحددة لإعادة تحويل مداخيل التصدير، مع التمتع بمزايا مثل إمكانية فتح حسابات بالعملات الأجنبية أو الدرهم القابل للتحويل.
يتعين على صناع المحتوى الرقمي أو مصدري الخدمات إعادة تحويل كامل عائدات التصدير إلى المغرب في غضون 90 يومًا من تاريخ تقديم الخدمة. كما يتيح لهم القانون فتح حسابات بالعملات الأجنبية أو الدرهم القابل للتحويل لتغطية مصاريفهم المهنية، مع السماح بإيداع 70% من عائدات التصدير في هذه الحسابات.
أما الأشخاص غير المسجلين في السجل التجاري، الذين يحصلون على دخل من مصادر أجنبية، فيمكنهم فتح حسابات مشابهة بشرط الإبلاغ عن هذه المداخيل لدى البنك المغربي مع توضيح طبيعة العملية التي أدت إلى هذا الدخل.
هذه الإجراءات تسعى إلى تعزيز الرقابة على الأنشطة الرقمية وضمان الشفافية والامتثال للقوانين الوطنية في إطار الاقتصاد الرقمي المتزايد.