هل سوق الأسهم تعكس الاقتصاد حقًا؟ نظرة على التحولات التاريخية
شهدت سوق الأسهم العالمية هبوطًا حادًا في عامي 1973 و1974، وهو الانخفاض الأطول والأكثر عمقًا منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن العشرين، حيث بلغت الخسائر نحو 525 مليار دولار نتيجة صدمة النفط التي أدت إلى موجة تضخم في الاقتصاد العالمي.
تُظهر الإحصاءات أن الولايات المتحدة كانت تمتلك 59% من القيمة السوقية للأسهم العالمية في عام 2022، بينما شكلت 21% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
و في المقابل، كانت حصة الصين 4% من سوق الأسهم العالمية على الرغم من كونها ثاني أكبر اقتصاد عالمي بحصة 16%.
وهذا يطرح سؤالًا: هل تعكس سوق الأسهم الأداء الاقتصادي حقًا؟ في عام 1900، كانت هناك تنوعات واضحة، حيث كانت المملكة المتحدة تمتلك أكبر سوق للأسهم بينما كانت الولايات المتحدة تملك أكبر حصة من الناتج المحلي الإجمالي.
و في ذلك الوقت، كانت الصين ثاني أكبر اقتصاد، لكن حصتها من سوق الأسهم كانت ضئيلة، إذ لم تتجاوز 0.4%.
في عام 1901، أصبحت الولايات المتحدة أكبر سوق للأسهم عالميًا، واستمرت هيمنتها حتى عام 1945، حيث مثلت حوالي نصف سوق الأوراق المالية العالمية و28% من الناتج المحلي الإجمالي.
ومع نمو اقتصادات أخرى، انخفضت حصة أمريكا من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بينما استمرت حصتها في سوق الأسهم في الارتفاع، حتى بلغت ذروتها عند 71.6% في عام 1966.
ولكن، سرعان ما تراجعت هذه النسبة مع صعود اليابان، التي نجحت في رفع حصتها من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 3% في عام 1950 إلى أكثر من 8% في الثمانينيات بفضل السياسات الحكومية والتركيز على التصدير.
بحلول عام 1988، كانت اليابان قد أصبحت تمتلك 40% من سوق الأسهم العالمية، مما جعلها الدولة الرائدة لفترة قصيرة.
ومع بداية القرن الحادي والعشرين، دعمت شركات التكنولوجيا العملاقة مثل “آبل” و”جوجل” و”أمازون” مكانة أمريكا في سوق الأسهم العالمية، بينما شهدت الأسواق الناشئة مثل الصين صعودًا ملحوظًا، حيث شكلت 14% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2010.
أظهرت دراسة من مؤسسة “هانز بوكلر” أن مؤشرات سوق الأسهم حققت معدلات نمو تفوق نمو الناتج المحلي الإجمالي في العديد من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين.
ومع ذلك، فإن العلاقة بين مؤشرات سوق الأسهم والنشاط الاقتصادي انقطعت في أوائل الثمانينيات لدول مجموعة السبع.
أدت الأزمات العالمية مثل انفجار فقاعة دوت كوم في 2000/2001 والأزمة المالية العالمية 2007/2008 إلى خفض عوائد الأسهم بشكل كبير، مما جعلها تتماشى مع نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وقد أظهرت دراسة تحليلية لعينة من 36 دولة خلال الفترة 2003-2022 أن العلاقة بين القيمة السوقية للأسهم والنمو الاقتصادي تختلف بحسب مستوى الدخل.
معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لبعض الأسواق الناشئة |
|
||||||||
الدولة |
2015 |
2016 |
2017 |
2018 |
2019 |
2020 |
2021 |
2022 |
2023 |
الصين |
7% |
6.8% |
6.9% |
6.7% |
6% |
2.2% |
8.4% |
3% |
5.2% |
البرازيل |
– 3.5 % |
– 3.3 % |
1.3% |
1.8% |
1.2% |
– 3.3 % |
4.8% |
3% |
2.9% |
الهند |
8% |
8.3% |
6.8% |
6.5% |
3.9% |
– 5.8 % |
9.7% |
7% |
7.6% |
السعودية |
4.5% |
1.9% |
0.9% |
3.2% |
1.1% |
– 3.6 % |
5.1% |
7.5% |
– 0.8% |
الإمارات |
6.8% |
5.6% |
0.7% |
1.3% |
1.1% |
– 5% |
4.4% |
7.9% |
3.4% |
مصر |
4.4% |
4.3% |
4.2% |
5.3% |
5.6% |
3.6% |
3.3% |
6.6% |
3.8% |
معدل العائد السنوي للاستثمار بالدولار في بعض الأسواق الناشئة في مؤشر “إم إس سي آي” |
|
||||||||
الدولة |
2015 |
2016 |
2017 |
2018 |
2019 |
2020 |
2021 |
2022 |
2023 |
الصين |
– 7.6 % |
1.1 % |
54.3 % |
– 18.8 % |
23.7 % |
29.6 % |
– 21.6 % |
– 21.9 % |
– 11.2 % |
البرازيل |
– 41.4 % |
66.2 % |
24.1 % |
– 0.5 % |
26.3 % |
– 19 % |
– 17.4 % |
14.2 % |
32.7 % |
الهند |
– 6.1 % |
– 1.4 % |
38.8 % |
– 7.3 % |
7.6 % |
15.6 % |
26.2 % |
– 7.95 % |
20.8 % |
السعودية |
– 6.6 % |
13.6% |
8.2% |
19.1% |
7.2% |
0.7% |
37.7 % |
– 5.1 % |
10.7 % |
الإمارات |
– 17.9 % |
13.6 % |
2.9 % |
– 7.7 % |
4 % |
– 0.9 % |
50.2 % |
– 6.2 % |
0.6 % |
مصر |
– 23.5 % |
– 11.4 % |
5.2 % |
– 13.7 % |
42 % |
– 22.2 % |
7.6 % |
– 22.5 % |
41.8 % |
في البلدان ذات الدخل المتوسط، يُظهر التأثير أحادي الاتجاه، حيث تؤثر تطورات سوق الأسهم على النمو الاقتصادي على المدى القصير.
بينما في البلدان ذات الدخل المرتفع، توجد علاقة سببية ثنائية الاتجاه، مما يعني أن النشاط الاقتصادي لا يعزز تطوير سوق الأسهم فحسب، بل إن سوق الأسهم النشطة تحفز أيضًا النشاط الاقتصادي.
على الرغم من التوجه العام نحو الاستثمار في الأسواق المتقدمة، نجد أن بعض أسواق الدول النامية حققت عوائد سنوية إيجابية رغم تباطؤ النمو الاقتصادي.
و على سبيل المثال، ورغم تسجيل الصين عوائد سلبية خلال خمس سنوات بين 2015 و2023، شهدت البرازيل عائدًا على الاستثمار تجاوز 66% في عام 2016 رغم انكماش اقتصادها.
بذلك، يتضح أن سوق الأوراق المالية والأداء الاقتصادي لا يتطابقان دائمًا، مما يدعو إلى التفكير في استراتيجيات تنويع المحافظ الاستثمارية عبر فئات الأصول لتخفيف المخاطر المرتبطة بالتحولات الاقتصادية.