الاقتصادية

نوبل 2024: علماء يكشفون تأثير البنية المؤسسية على التنمية والرفاهية في العالم

حصل ثلاثة من العلماء البارزين على جائزة “نوبل” في العلوم الاقتصادية لعام 2024 تقديرًا لدراساتهم المتميزة التي تناولت العلاقة بين البنية الهيكلية للمجتمعات ومؤسساتها، وتأثيرها على التنمية، ورفاهية الأفراد، وعدالة التوزيع.

العلماء “دارون عجم أوغلو”، و”سيمون جونسون”، و”جيمس إيه روبنسون” استخدموا تحليلًا إحصائيًا معقدًا لبيانات تمتد لأكثر من 500 عام لتطوير أسس نظرية وتجريبية لفهم أسباب انهيار الأمم وتباين مستويات رفاهيتها.

من بين الأعمال البارزة التي أهلت هؤلاء العلماء لنيل الجائزة هو مقال نُشر في عام 2002 بعنوان “فقدان الثروة: دور الجغرافيا والمؤسسات في توزيع الدخل في العالم الحديث”، حيث توصلوا إلى أن قوة المؤسسات تؤثر على الثقافة والجغرافيا، مما يؤدي إلى اختلافات في مستويات الدخل بين الدول.

وفي مقال آخر عام 2001، أظهرت دراساتهم أن الدول التي تمتلك مؤسسات قوية وكفؤة، ونظم قانونية تحمي حقوق الملكية، تستثمر بشكل أكبر في رأس المال المادي والبشري، مما يؤدي إلى تحقيق مستويات أعلى من الدخل.

في كتابهما “لماذا تسقط الأمم؟”، أشار “أوغلو” و”روبنسون” إلى أن الدول التي حققت تقدمًا علميًا وتكنولوجيًا وتأسيس نظم سياسية متعددة تسمح بمشاركة أوسع من المجتمع في الحكم، قد وصلت إلى مستويات مرتفعة من الرخاء.

وفي المقابل، عانت الدول ذات المؤسسات الاستغلالية التي تخدم نخبة صغيرة من أفراد المجتمع من تراجع النمو الاقتصادي.

على الرغم من النجاح الذي حققته بعض الدول ذات الأنظمة غير الديمقراطية، مثل الصين، إلا أن “أرفيند سوبرامانيان” الذي شغل سابقًا منصب كبير المستشارين الاقتصاديين في الهند، أشار إلى أن الأعمال التي قام بها العلماء الثلاثة قد لا تتماشى مع التجربتين الهندية والصينية.

وتظهر دراسات هؤلاء العلماء أن الحقبة الاستعمارية الأوروبية كانت لها آثار متباينة على مستويات التنمية في الدول التي احتلتها. فبينما أصبحت المستعمرات الغنية في السابق دولاً فقيرة، تم تأسيس مؤسسات قوية في المستعمرات الفقيرة، مما ساعد على تحقيق التنمية بعد الاستقلال.

وأشار العلماء إلى أن نظام الاحتلال كان يميل إلى فرض أنظمة سياسية سلطوية في المستعمرات ذات الكثافة السكانية العالية، بينما أُقيمت مؤسسات احتوائية في المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة.

وفي تعليقه على فوزهم بالجائزة، قال “أوغلو” إن الهدف من هذه الدراسات ليس الحكم على الاستعمار، بل تسليط الضوء على أن الاستراتيجيات الاستعمارية المختلفة أنتجت أنماط مؤسسية متنوعة استمرت على مر الزمن.

و في مايو 2023، أصدر “أوغلو” و”جونسون” كتابًا بعنوان “القوة والتقدم: صراع الألف عام على التكنولوجيا والرفاهية”، حيث بحثا فيه تأثير التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي على أسواق العمل.

وقد أشارا إلى أن التقدم التكنولوجي كان له تأثير إيجابي على خلق فرص العمل وتحسين رفاهية المجتمعات، لكن هذه الآثار تعتمد بشكل كبير على الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يتخذها الأفراد.

بينما تميل دراسات العلماء الثلاثة إلى تفضيل الديمقراطية، أكد “أوغلو” أنها ليست الحل الشامل لكل القضايا. فبناء حكومة تعكس تمثيلًا عادلًا للمجتمع يمثل تحديًا كبيرًا.

ورغم أن بعض الدول غير الديمقراطية حققت نموًا، فإن هذا النمو غالبًا ما يكون أقل استقرارًا.

وأضاف “أوغلو” أن الديمقراطيات الحديثة تواجه العديد من التحديات مثل الاستقطاب والتغير المناخي والتكنولوجيا الحديثة، مما يتطلب منها جهودًا أكبر لإيجاد حلول فعالة لمشاكل مثل انعدام المساواة في الولايات المتحدة.

وذكر “جونسون” أن الضغوط الاقتصادية التي تواجهها أمريكا تؤثر سلبًا على الكثير من المواطنين، وخاصة الطبقة المتوسطة التي تضررت من ظواهر مثل العولمة والأتمتة وتراجع دور النقابات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى