“Fitch Solutions” تتوقع نموًا اقتصاديًا بنسبة 4.9% للمغرب في 2025
تستشرف مؤسسة “Fitch Solutions” آفاق النمو الاقتصادي في المغرب للعام 2025 بتوقعات واعدة، حيث تشير التوقعات إلى إمكانية بلوغ معدل النمو 4.9%.
وترتبط هذه التوقعات بعدد من العوامل الإيجابية، مثل تخفيض أسعار الفائدة، وزيادة الاستثمارات الحكومية، وتراجع معدلات التضخم.
ومع ذلك، فإن هذه النظرة المتفائلة تستند إلى افتراضات عديدة، أبرزها استمرار الظروف المناخية الملائمة وانتعاش القطاع الزراعي. في ظل التغيرات المناخية السريعة والأحداث القاسية التي شهدها المغرب، تبرز تساؤلات حول مدى قدرة هذه الافتراضات على الصمود.
كما أن التوقعات بشأن تراجع معدلات التضخم قد تواجه تحديات، خاصة في ظل استمرار الصراعات والتوترات الجيوسياسية التي قد تؤدي إلى زيادة أسعار السلع والخدمات.
يرى المحللون الاقتصاديون أنه من الضروري تحليل هذه التوقعات بشكل نقدي لتقييم مدى واقعيتها في ظل التحديات العالمية المتزايدة. يسعى المحللون لفحص إمكانية تحقيق نمو بنسبة 4.9% في الاقتصاد الوطني خلال العام المقبل، أو ما إذا كانت هناك عوامل أخرى قد تعيق هذا النمو وتؤدي إلى نتائج مختلفة.
في هذا السياق، اعتبر المحلل الاقتصادي رشيد ساري أن توقعات “Fitch Solutions” تتماشى مع توقعات الحكومة، التي تشير إلى أن معدل النمو سيصل إلى 4.6%، بينما توقع بنك المغرب أن يصل إلى 4.4%.
ورغم الفارق الطفيف بين التقديرات، فإن العامل المشترك هو الاعتماد الكبير على تحقيق قيمة مضافة في القطاع الزراعي، الذي يتأثر بعدد من العوامل غير المضمونة.
وأوضح ساري أن معدل النمو المتوقع للسنة الحالية يقدر بـ 2.8%، مع احتساب قيمة مضافة فلاحية تصل إلى 6.9%.
ورغم أن هذه النسبة قد تُعتبر معتدلة، إلا أن التحديات المناخية وظروف الجفاف تجعل من الصعب التنبؤ بدقة بأداء القطاع الزراعي.
وبالنسبة لعام 2025، أشار ساري إلى أن بنك المغرب توقع أن تصل القيمة المضافة الفلاحية إلى 8.6% بناءً على محصول الحبوب المتوقع في حدود 55 مليون قنطار، بينما توقعت الحكومة قيمة مضافة فلاحية تصل إلى 11% مع محصول زراعي متوسط بحوالي 70 مليون قنطار.
من جهة أخرى، اعتبر ساري أن هذه التوقعات المتفائلة قد تكون سابقة لأوانها، حيث يمر الاقتصاد العالمي بحالة من عدم اليقين، وقد نواجه موجات تضخم جديدة، خاصة مع استمرار ارتفاع أسعار النفط التي تبلغ حاليًا حوالي 80 دولارًا للبرميل.
وأشار ساري إلى أنه في حال تفاقم الصراع في الشرق الأوسط ووصوله إلى مضيق باب المندب، فإن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة عالميًا، مما سيؤثر بشكل مباشر على الفاتورة الطاقية للمغرب الذي يعتمد بنسبة 90% على الاستيراد لتلبية احتياجاته الطاقية.
ورغم هذه التحديات، لا يستبعد ساري إمكانية تحقيق بعض التحسن في حال استقرار الأوضاع الجيوسياسية، موضحًا أن الظروف المستقرة قد تتيح انفراجًا اقتصاديًا، ولكنه لا يتوقع ذلك في ظل تصاعد الأزمات العالمية.
وتابع ساري مشيرًا إلى أن القيمة المضافة غير الفلاحية قد تشهد انتعاشًا، لكن لا يمكن ضمان ارتفاع القيمة المضافة الفلاحية في ظل الظروف المناخية القاسية والجفاف.
في الختام، تطرق المحلل الاقتصادي إلى مشكلة ارتفاع أسعار المواد والمنتجات الفلاحية في المغرب، مؤكدًا أنه رغم توقعات انخفاض التضخم العام، إلا أن التضخم الفلاحي لا يزال مرتفعًا.
وخلص إلى أن السياسات الفلاحية الحالية لا تدعم تحقيق قيمة مضافة فلاحية إيجابية، مشددًا على ضرورة تعديل السياسات لدعم القطاع الزراعي وتحقيق التوقعات الطموحة للأعوام المقبلة.