تقرير: تأخر المغرب في التحول الرقمي يستدعي تعزيز الاستثمار في المهارات الرقمية
أفاد تقرير جديد صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بأن المغرب يواجه تأخرًا ملموسًا في رقمنة خدماته الحكومية مقارنةً بالعديد من الاقتصادات الناشئة.
وأكد التقرير على ضرورة تعزيز الاستثمار في رأس المال البشري عبر توفير التدريب على المهارات الرقمية الضرورية لضمان مواكبة المغرب للتقدم الحاصل في دول المنطقة.
فرغم الخطوات التي اتخذها المغرب نحو رقمنة خدماته الحكومية، فإن التقرير يشير إلى وجود فجوة كبيرة مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى.
ما زالت مؤشرات رئيسية مثل المشاركة الإلكترونية وتوفير الخدمات عبر الإنترنت أقل من المعدلات المطلوبة، كما يعاني المغرب من نقص كبير في الكفاءات الرقمية اللازمة لدعم هذا التحول.
وقد شدد التقرير على أهمية تزويد المواطنين بمهارات رقمية أساسية لتمكينهم من التفاعل مع هذه الخدمات والاستفادة منها على أكمل وجه.
و أوضح التقرير أن نسبة الموظفين في المغرب الذين يتطلبون مهارات رقمية لا تزال منخفضة. فثلث العاملين فقط في “الشركة المغربية النموذجية” يحتاجون إلى مهارات استخدام الحاسوب، في حين أن مهارات تكنولوجيا المعلومات لا تُعد من المعايير الأساسية في عمليات التوظيف.
هذا يعكس تحديات كبيرة أمام تحقيق التحول الرقمي الشامل في السوق المغربية.
و أوصى التقرير بضرورة تسهيل تبني الشركات للأدوات الرقمية التي من شأنها تحسين الإنتاجية. وشدد على ضرورة توفير خدمات الإنترنت بتكاليف معقولة للمستهلكين، وضمان أمان المعاملات الإلكترونية.
كما أشار إلى أن قلة انتشار المواقع الإلكترونية في المغرب تؤدي إلى ضعف الرقمنة في قطاع الأعمال، مقارنةً بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والدول ذات الدخل المتوسط.
ورغم التحديات، أشاد التقرير بالخطوات الإيجابية التي اتخذها المغرب لتعزيز الرقمنة. فقد أنشأت الحكومة وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة في عام 2021 لدعم التحول الرقمي في القطاع العام.
كما تمكنت الحكومة من تحويل أكثر من 5000 خدمة إدارية إلى الصيغة الرقمية مؤخرًا، ويجري العمل على وضع استراتيجية رقمية شاملة.
و على المستوى البشري، أطلق المغرب عدة مبادرات لردم الفجوة الرقمية مع الاقتصادات المتقدمة. من أبرز هذه المبادرات مشروع “Jobin Tech”، الذي يهدف إلى تدريب 15 ألف شاب متخصص في المجال الرقمي، بالإضافة إلى تدريب 28 ألف خريج جامعي بحلول عام 2026.
كما أن النموذج التنموي الجديد وبرنامج الحكومة للفترة 2021-2026 يعتمدان على التحول الرقمي كعنصر محوري لتحديث الإدارة وتحسين الخدمات.
و ضمن إطار استراتيجيته الرقمية، أطلق المغرب مشاريع تهدف إلى تحويل 50% من الإجراءات الإدارية إلى الخدمات الإلكترونية بحلول عام 2025.
ويطمح إلى تحقيق نسبة رضا تصل إلى 80% بين المستخدمين عبر تبسيط شامل للإجراءات الإدارية. كما تم تفعيل القانون رقم 54.19 الخاص بالمرافق العمومية والقانون رقم 55.19 لتبسيط الإجراءات الإدارية، وكلاهما يعزز الرقمنة كوسيلة لتحسين جودة الخدمات.
ورغم هذه الجهود، أظهرت المؤشرات الحالية أن المغرب لا يزال بعيدًا عن تحقيق أهدافه. فوفقًا لتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يحتل المغرب المرتبة 101 من بين 193 دولة في مؤشر التنمية الحكومية الرقمية، مما يشير إلى الحاجة الملحة لمواصلة العمل على تحسين البنية التحتية الرقمية وزيادة الاستثمار في المهارات الرقمية لدعم التحول الرقمي الشامل.