الاقتصادية

عودة منحنى العائد إلى طبيعته بعد عامين من الانقلاب: ماذا يعني ذلك للاقتصاد والفيدرالي؟

تاريخيًا، كان انقلاب منحنى العائد على سندات الخزانة الأمريكية – حيث يتخطي العائد على السندات قصيرة الأجل نظيره على السندات الأطول أجلًا – مؤشرًا موثوقًا على قرب الركود في الولايات المتحدة.

ومنذ يونيو عام 2022، ظل المنحنى منقلبًا، بالتزامن مع تشديد السياسة النقدية وتباين التوقعات بشأن آفاق الاقتصاد، لكن الأمر تغير فجأة خلال تعاملات الرابع من سبتمبر، عندما عاد المنحنى إلى شكله الصعودي.

خلال هذه الجلسة، عادت العلاقة بين عائدي سندات الخزانة لأجل 10 أعوام وعامين إلى طبيعتها، حيث تجاوز العائد على السندات الأطول أجلًا نظيره على السندات الأقصر.

كان هذا لفترة وجيزة يوم الأربعاء الماضي، قبل أن يتكرر هذا النمط مجددًا ويتعمق الفارق لصالح السندات الأطول أجلًا خلال جلستي الخميس والجمعة، لكن إذا كان انقلاب المنحنى ينذر بالركود، فهل يعني عودته إلى طبيعته أن الخطر انتهى؟

ما هو منحنى العائد؟ وماذا يفعل؟

– هو منحنى بياني يحدد العلاقة (الفارق) بين عوائد السندات ذات الجدارة الائتمانية المتكافئة لكنها مختلفة في الاستحقاق، مثل فارق العائد بين سندات الخزانة الأمريكية لأجل عامين وعشرة أعوام في الحالة السابقة.

– يتخذ منحنى العائد عادة اتجاهًا صعوديًا، حيث يكون عائد السندات الأقصر أجلًا أقل من عائد نظيراتها الأطول أجلًا، ولكن عندما ينقلب، يكون عائد السندات الأقصر أجلًا أعلى من تلك الأطول أجلًا، ما يصاحبه شعور بالقلق في الأسواق.

– إن ارتفاع العائدات على الديون طويلة الأجل مقارنة بالأقصر أجلًا أمر منطقي، لأنه في النهاية، يجب أن يحصل المستثمر على المزيد من المال مقابل إقراض الحكومة لفترة أطول، نظرًا لخطر الخسائر الناجمة عن التضخم وعوامل أخرى.

– من بين أسباب ارتفاع العائد على السندات قصيرة الأجل؛ السياسة النقدية المشددة التي تتسبب في إبطاء نمو الاقتصاد، أو لوجود مخاوف لدى المستثمرين بشأن مستقبل النمو، أو اندفاع المستثمرين لشراء السندات طويلة الأجل مما يتسبب في انخفاض العائد عليها.

– هذا ما حدث عندما بدأ الاحتياطي الفيدرالي في تشديد سياسته النقدية بداية من مارس عام 2022، لكن الآن وبعدما بات من المؤكد تقريبًا أنه سيخفض الفائدة خلال اجتماع الشهر الجاري، كان من الطبيعي أن ينخفض العائد على السندات قصيرة الأجل بشكل أكبر.

– حدث انقلاب منحنى العائد في كل ركود تقريبًا منذ عام 1955، باستثناء انقلابه في عام 2022، لم يتبعه شيء، وعندما يعود إلى شكله الطبيعي، كما فعل في 4 سبتمبر، يقول البعض إن ذلك يشير إلى اقتراب الركود.

3d049532 4c3b 4e21 83af 3647ddb73995 Detafour

ما دلالات عودته إلى طبيعته؟ الركود!

– على مر العقود، عكس منحى العائد على السندات الأمريكية شعور السوق بآفاق الاقتصاد، وخاصة التضخم وتوجه السياسة التي من المرجح أن يتبناها الفيدرالي.

– عادةً، يؤدي التضخم المرتفع إلى منحنى صاعد، حيث تدفع الأسعار المرتفعة المستثمرين إلى المطالبة بعوائد أطول أجلاً للتعويض عن تراجع القوة الشرائية للمدفوعات التي يتلقونها في النهاية.

– تنقلب منحنيات العائد عندما يتوقع المستثمرون ركودًا ناتجًا عن سياسة الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة بهدف ترويض التضخم، وتعود إلى طبيعتها عادة عندما يبدأ المركزي الأمريكي في خفض أسعار الفائدة أو بمجرد تسعير الأسواق لهذا الخفض.

– لأن الفيدرالي يميل إلى تخفيف السياسة عندما يواجه الاقتصاد عقبة، يقول البعض إن مثل هذه التحولات تشير غالبًا إلى ركود وشيك، علمًا بأن الأسواق تتوقع خفضًا بأكثر 100 نقطة خلال بقية عام 2024، وفقًا لمقايضات أسعار الفائدة.

– بقول آخر، غالبًا ما ينقلب منحنى العائد قبل فترة وجيزة من الركود، ومع اقتراب التباطؤ الاقتصادي، حيث يبدأ المستثمرون في المراهنة على تخفيض أسعار الفائدة بشكل حاد من قبل الاحتياطي الفيدرالي.

– كان المستثمرون يتوقعون دومًا عودة منحنى العائد لطبيعته في نهاية المطاف، حتى دون ركود، طالما أن الفيدرالي يخفض أسعار الفائدة تدريجيًا، لكن الانخفاض الحاد الأخير في العائدات قصيرة الأجل أثار مخاوف من تكرار نماذج تباطؤ اقتصادي سابقة.

c452bd1d 2962 4473 984e a8365371daa1 Detafour

هل الركود أمر محتم؟

– يُنظر إلى أسعار الفائدة المنخفضة على أنها دفعة للنمو الاقتصادي، لكن الاحتياطي الفيدرالي أبقى على سعر الفائدة القياسي عند أعلى مستوى له في نحو 23 عامًا منذ يوليو 2023، عند نطاق يتراوح بين 5.25% و5.5%.

– في حين يراقب السوق عن كثب العلاقة بين عائد السندات لأجل عامين و10 أعوام، يفضل الاقتصاديون قياس العائد على الديون قصيرة الأجل من خلال السندات التي تستحق بعد عام واحد، فيما يفضل الفيدرالي سندات الثلاثة أشهر.

– يحوم العائد على السندات الأمريكية لأجل 3 أشهر فوق أكثر من 5% قليلًا، ووصل العائد على السندات لأجل عام واحد إلى نحو 4.1%، ويبلغ العائد على السندات لأجل 10 أعوام نحو 3.7%، وهذا يعني أن منحنيات العائد لهذه الآجال ما زالت منقلبة بشكل حاد.

– من بين فترات الركود الستة التي واجهتها الولايات المتحدة منذ عام 1980، سبقت خمسة منها انقلاب منحنى العائد لمدة 20 يومًا على الأقل، وفي الركود السادس لعام 2020، كان الانقلاب أقصر، واستمر 6 أيام فقط في أغسطس 2019.

– هذه المرة، انعكس منحنى العائد لمدة قياسية بلغت 793 يومًا أو نحو 26 شهرًا، ولم يحدث ركود حتى الآن، وعادة، كان يحدث الركود بين ستة أشهر و24 شهرًا بعد انعكاس منحنى عائد السندات لأجل عامين و10 أعوام.

– حتى لو عاد منحنى العائد إلى طبيعته مرة أخرى واستقر كذلك لمدة طويلة، فهذا لا يعني أن الاقتصاد لن يتعثر، وتظهر الأدلة التاريخية أن المشاكل تبدأ عندما تنتهي فترات الانقلاب الطويلة.

d0ee4f96 b7d4 4bfa 89ac 7c8441effe17 Detafour

– بدأت أحدث أربع فترات ركود (أعوام 1990 و2001 و2007 و2020) بعد أن تحول المنحنى إلى النطاق الموجب (الطبيعي)، وفي كل حالة، بدأ التباطؤ بعد 3 إلى 6 أشهر من عودة المنحنى إلى طبيعته، وفقًا لـ”داو جونز ماركت داتا”.

– خلال الأشهر المقبلة، سيتضح الكثير بشأن ما إذا كان الفيدرالي دفع الاقتصاد إلى الركود من خلال رفع أسعار الفائدة أم نجح في السيطرة على التضخم دون انكماش، بحسب “جيم ريد”، رئيس وحدة الاقتصاد العالمي والبحوث المواضيعية في “دويتشه بنك”.

– كما سيكشف الوقت أيضًا ما إذا كان منحنى العائد فقد دوره كمؤشر رائد في هذه الدورة الاقتصادية، أو ما إذا كان فقط بعث بإشاراته المقلقة في وقت مبكر مقارنة بالدورات الأخرى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى