خزينة الدولة المغربية تحت ضغوط مالية متزايدة بعجز يبلغ 47.3 مليار درهم وزيادة في النفقات العامة
تشهد خزينة الدولة المغربية ضغوطًا متزايدة نتيجة الارتفاع الكبير في حاجياتها المالية. كشف أحدث تقرير صادر عن وزارة الاقتصاد والمالية عن تسجيل عجز كبير بلغ 47.3 مليار درهم بنهاية يونيو 2023، بزيادة قدرها 46.9% مقارنة بالعام السابق الذي سجل عجزًا قدره 32.2 مليار درهم.
للتعامل مع هذا العجز، قامت الخزينة بإصدار سندات داخلية بقيمة إجمالية 139.7 مليار درهم، وتم سداد 92.3 مليار درهم منها خلال نفس الفترة.
كما اقترضت الخزينة 21.3 مليار درهم من المصادر الخارجية وسددت 16.6 مليار درهم من ديونها السابقة، مما رفع إجمالي القروض الخارجية إلى 4.7 مليار درهم.
و تعد زيادة النفقات العامة من العوامل الرئيسية التي ساهمت في ارتفاع حاجيات الخزينة. و حسب محللون إقتصاديون ، فإن هذا الارتفاع يعكس زيادة ملحوظة في النفقات المتعلقة بالاستثمار العمومي، بما في ذلك مشاريع هيكلية كبرى مثل البنية التحتية المرتبطة بكأس العالم، والمشاريع المائية، وتطوير البنية التحتية الطرقية، السككية، والرقمية.
ورغم أن هذه النفقات قد ارتفعت، إلا أنها تعتبر استثمارات استراتيجية تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام على المدى الطويل، من خلال تعزيز القطاعات العامة والخاصة.
و شهدت نفقات الاستثمار العمومي زيادة بنسبة 10٪ حتى يونيو 2023، مما استدعى تأمين تمويل إضافي.
كما ارتفعت النفقات الأخرى مثل تكاليف خدمة الدين والأجور والخدمات العامة، مما زاد العبء على الميزانية العامة.
بالرغم من أن الزيادة في الاستثمار العمومي تساهم في زيادة حاجة الخزينة للتمويل، إلا أن هناك عوامل أخرى، مثل النفقات التشغيلية وتكاليف خدمة الدين، التي ساهمت أيضًا في هذا الارتفاع.
و لتخفيف هذه الضغوط، يقترح الخبراء استراتيجيات عدة لزيادة الإيرادات وتقليص النفقات. تشمل هذه الاستراتيجيات تحسين إدارة الضرائب وتعزيز النظام الضريبي، وجذب الاستثمارات من خلال تحسين بيئة الأعمال وتشجيع رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية.
كما يوصي الخبراء بتحسين الجاذبية الترابية عبر تحسين سهولة الوصول والتنقل، وتثمين الموارد الطبيعية، وتسريع رقمنة الخدمات العمومية.
و يدعون أيضًا إلى تعزيز الابتكار وريادة الأعمال من خلال دعم الشركات الناشئة والتكنولوجيا الحديثة. يعتبر الاستثمار في البنية التحتية وتحسين مهارات الموارد البشرية وزيادة إنتاجيتها من العناصر الأساسية لتعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنافسية على المدى الطويل.
كما يؤكدون على أن تنفيذ هذه الاستراتيجيات بشكل شامل يمكن أن يساهم في تحقيق توازن بين زيادة الإيرادات وتقليص النفقات، مما يعزز الاستقرار المالي ويساهم في دفع الاقتصاد الوطني نحو مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا.