هل سينفذ ترامب تعهده بإلغاء حق حصول الأطفال المولودين في أمريكا على الجنسية؟
تعهد المرشح الجمهوري “دونالد ترامب” بإنهاء حق الحصول على الجنسية بالولادة حال فوزه في الانتخابات الرئاسية، وذلك بعد مرور 125 عامًا على تسوية المحكمة العليا الأمريكية لهذه المسألة.
وفي الوقت الراهن يصبح أي طفل يولد داخل أراضي الولايات المتحدة مواطنًا أمريكيًا بشكل تلقائي.
لكن في مايو 2023، نشر الرئيس الأمريكي السابق مقطع فيديو لحملته يجدد دعوته لإنهاء الحق الدستوري القائم منذ فترة طويلة، قائلاً إنه سيوقع على أمراً تنفيذياً في اليوم الأول من رئاسته للبلاد من شأنه ضمان عدم اعتبار الأطفال المولودين لآباء ليس لديهم وضع قانوني في الولايات المتحدة مواطنين أمريكيين.
مقترح ترامب
أوضح “ترامب أن قراره سيقضي على حافز رئيسي لاستمرار الهجرة غير الشرعية، ويمنع المزيد من المهاجرين من التوافد للبلاد، ويشجع العديد من الأجانب الذي سمح لهم الرئيس الحالي “جو بايدن” بدخول الولايات المتحدة بشكل غير قانوني على المغادرة.
وبموجب اقتراحه، يجب أن يكون أحد الوالدين على الأقل مواطنًا أمريكيًا أو مقيمًا بشكل قانوني حتى يحصل الطفل على الجنسية بمجرد ولادته داخل البلاد، مشيرًا إلى أن ذلك التغيير لن ينطبق بأثر رجعي.
وأوضح “ترامب” أن الأمر التنفيذي سيتناول ما يسمى بـ “سياحة الولادة”، وهي الحالة التي تزور فيها السيدات الأجانب الولايات المتحدة قرب انتهاء فترة الحمل لضمان ولادة الطفل داخل البلاد وحصوله على الجنسية.
وأشار إلى أن السياسة الحالية تستند إلى أسطورة تاريخية وتفسير خاطئ متعمد للقانون من قبل مؤيدي الحدود المفتوحة.
وعلى الرغم من تعهد “ترامب”، فإن خطة إنهاء حق الجنسية بالولادة لم تذكر تحديدًا في وثيقة الحزب الجمهوري لعام 2024، والتي تتضمن فصلاً بعنوان “إغلاق الحدود ووقف غزو المهاجرين”.
هل يمكن إلغاء حق الحصول على الجنسية بالولادة؟
حق الحصول على الجنسية بالولادة داخل البلاد مدرج في التعديل الرابع عشر للدستور الأمريكي الذي أقره مجلس الشيوخ عام 1866 وتم التصديق عليه بعد عامين، وينص على أن كل الأشخاص المولودين أو المجنسين في الولايات المتحدة والخاضعين لولايتها القضائية هم مواطنون أمريكيون.
وفي عام 1898، قضت المحكمة العليا في قضية عالقة، بأن الطفل الذي ولد في ذلك الوقت في سان فرانسيسكو لأبوين من الصين في الولايات المتحدة يصبح تلقائيًا مواطنًا أمريكيًا.
وذكر المؤرخ “إريك فونز” في عام 2015 لصحيفة “واشنطن بوست” أن الفكرة وراء النص في التعديل الرابع عشر كانت أن الجنسية يجب أن تمتد لتشمل الجميع بغض النظر عن سمات مثل الأصل القومي أو وضع الوالدين، وهو ما أسس معيارًا وطنيًا، وكان المبدأ هو الفرصة والشمول، وهو ما دافع عنه الحزب الجمهوري في السنوات التي أعقبت الحرب الأهلية.
وتعهد بإنهاء ذلك الحق عندما ترشح للرئاسة لأول مرة في عام 2015، وأثار الأمر مرة أخرى في 2018 لكنه لم يصدر أمرًا تنفيذيًا.
ورغم أنه في الواقع هناك أكثر من 30 دولة أخرى تمنح الجنسية بالولادة، إلا أن “ترامب” صرح في حديث سابق له: نحن الدولة الوحيدة في العالم حيث يأتي الشخص وينجب طفلاً، ويصبح الطفل مواطناً أمريكياً ويحصل على كل هذه الفوائد، إنه أمر سخيف ويجب أن ينتهي.
ولكن يرى خبراء أن أي محاولة لإلغاء هذا الحق بموجب أمر تنفيذي ستواجه تحديًا فوريًا وهزيمة سريعة، وأشاروا إلى مفارقة أن جمهوريًا يهاجم إنجازًا أساسيًا لحزبه.
وفي عام 2018، كتب “لورنس ترايب” أستاذ القانون بجامعة “هارفارد” أن الاقتراح لن يكون لديه أي فرصة للاستمرار بعد المراجعة، حتى من قبل القضاة الذين عينهم “ترامب”.
كم عدد الأطفال الذين يولدون سنويًا من “سياح الولادة”؟
من غير الواضح تحديدًا عدد الأطفال الذين يولدون سنويًا في الولايات المتحدة لوالدين ليس لديهم أوراق إقامة رسمية أو عدد من يمكن وصفهم بـمواليد “سياحة الولادة”.
وذكر “مارك كريكوريان” المدير التنفيذي لمركز دراسات الهجرة أنه قد يكون هناك ما يصل إلى 400 ألف طفل يولدون سنويًا لوالدين لا يقيمان بشكل قانوني في البلاد وأن هناك آلاف الأطفال الذين يولدون نتيجة لـ “سياحة الولادة” كل عام.
ماذا لو نفذ ترامب وعده؟
ذكرت حملة “ترامب” الانتخابية أنه سيأمر إدارة الضمان الاجتماعي برفض إصدار أرقام الضمان الاجتماعي لحديثي الولادة دون إثبات حالة الهجرة للوالدين، كما سيصدر أمرًا مماثلاً لوزارة الخارجية فيما يتعلق بجوازات السفر.
وفي حال دخلت الخطة حيز التنفيذ بالكامل، فقد يكون من الصعب تنفيذها لأن الوكالات الفيدرالية ليس لديها بالضرورة بيانات الهجرة، وستحتاج لمعلومات ليس فقط عن الطفل حديث الولادة، بل أيضًا عن والديه.
وأوضحت “إيما وينجر” المحامية بمجلس الهجرة الأمريكي أن ذلك الاقتراح من شأنه التأثير على أي طفل يولد في أمريكا، لأن الأب والأم بحاجة لاتخاذ خطوات بيروقراطية إضافية لضمان تسجيل طفلهما كمواطن أمريكي.
لذلك فعلى الرغم من تصريح “ترامب” مرارًا وتكرارًا بأنه سيلغي ذلك الحق، وزعم من قبل أن الأمر في طور التنفيذ، لكن لم يحدث ذلك، والآن يواجه منافسة قوية مع المرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس الحالي “كامالا هاريس” في سباق انتخابات 2024.