صراع الصلب العالمي..هيمنة الصين وارتفاع الجدران الجمركية

في سوق تتقلب باستمرار بفعل الرسوم الجمركية والحروب التجارية، لا يتأثر الصلب وحده، بل تتعرض معه التوازنات الاقتصادية والتحالفات العالمية للاضطراب.
المعدن الذي بنى المدن والجسور وأسهم في صعود إمبراطوريات، أصبح اليوم محور نزاع جديد بين القوى الاقتصادية الكبرى.
شهد أغسطس ارتفاع الإنتاج العالمي من الصلب بنسبة 0.3% على أساس سنوي، ليصل إلى 145.3 مليون طن، فيما سجل الإنتاج الإجمالي خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام انخفاضًا بنسبة 1.7% إلى 1.23 مليار طن.
تستمر الصين في فرض سيطرتها على سوق الصلب العالمي، حيث أنتجت أكثر من مليار طن العام الماضي، مسيطرة على 55% من الإنتاج العالمي منذ بداية العام حتى نهاية أغسطس.
هذا التوسع الكبير في الإنتاج الصناعي الصيني أغرق الأسواق بمنتجات منخفضة التكلفة، ما دفع العديد من الدول إلى تبني سياسات حمائية وفرض رسوم على واردات الصلب لحماية صناعاتها المحلية.
أكبر الدول المنتجة للصلب في العالم |
||
الدولة |
الإنتاج في أول 8 أشهر هذا العام (مليون طن) |
معدل التغير (%) |
الصين |
671.8 |
(2.8) |
الهند |
108.9 |
10.2 |
الولايات المتحدة |
54.6 |
1.6 |
اليابان |
54.1 |
(4.5) |
روسيا |
46.1 |
(4.8) |
كوريا الجنوبية |
41.1 |
(3.5) |
تركيا |
24.9 |
0.2 |
ألمانيا |
22.4 |
(11.9) |
البرازيل |
22.2 |
(1.5) |
إيران |
19.8 |
(3.6) |
استجابت المفوضية الأوروبية للتهديد الصيني بزيادة الرسوم الجمركية على واردات الصلب إلى 50%، مع تقليص الحصص المعفاة من الرسوم بنسبة 47% لتصل إلى 18.3 مليون طن سنويًا.
الهدف هو حماية صناعة الصلب الأوروبية التي تعمل بطاقة أقل من طاقتها القصوى.
رحبت الكيانات الأوروبية المنتجة للصلب بهذه الخطوة، معتبرة أنها حماية حيوية لقطاع يوظف حوالي 300 ألف شخص بشكل مباشر، رغم فقدان نحو 100 ألف وظيفة خلال الخمسة عشر عامًا الماضية.
الخطوة الأوروبية جاءت أيضًا تحت تأثير ضغوط أمريكية، بعدما فرضت إدارة الرئيس دونالد ترامب رسومًا بنسبة 50% على الصلب المستورد، معتبرًا أن هذه الإجراءات ستجعل الصناعة المحلية أقوى من أي وقت مضى.
ولم تقتصر الإجراءات على الولايات المتحدة وأوروبا، إذ تواجه كندا نزاعًا مع الصين أمام منظمة التجارة العالمية بعد فرضها رسومًا بنسبة 25% على الصلب الصيني، مبررة القرار بالحاجة لحماية صناعتها الوطنية من الواردات منخفضة التكلفة.
ختامًا، يبدو أن وفرة الصلب الصينية تشكل سيفًا ذا حدين: فهي توفر خامات وفيرة ومنخفضة التكلفة لتعزيز الصناعات العالمية، لكنها في الوقت نفسه تدفع الاقتصادات الكبرى إلى رفع الجدران الجمركية لحماية أسواقها المحلية، ما يخلق مشهدًا عالميًا من التوتر التجاري والتوازن الهش.