بركة: ثقة الشباب متدهورة.. وحكومة التكنوقراط ليست هي المخرج

دق الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، جرس الإنذار من تداعيات ما وصفها بـ “أزمة ثقة عميقة” تسيطر على العلاقة بين الشباب المغربي والمؤسسات المنتخبة، والحكومة، والأحزاب السياسية.
جاء هذا التحذير القوي خلال لقاء تواصلي عُقد في المركز العام للحزب بالرباط، صباح أمس السبت 4 أكتوبر ، لتقديم النتائج الأولية لـ “ميثاق الشباب”، وهي استشارة وطنية واسعة أطلقها الحزب لاستشراف رؤى الجيل الجديد وتطلعاته.
وحذر بركة بشدة من استغلال حالة الإحباط الشبابي للترويج لحلول راديكالية، مثل إلغاء المؤسسات التمثيلية أو الدعوة إلى حكومة تكنوقراطية، معتبراً هذه الدعوات تهديداً مباشراً للمسار الديمقراطي والمكتسبات الدستورية للمملكة.
كشفت الخلاصات الأولية لـ “ميثاق الشباب”، التي قدمها منسق البرنامج عبد الحافظ أدمينو بعد استطلاع شمل آلاف الشباب في أكثر من 500 جماعة، عن وجود “نزعة تشاؤمية” واضحة تجاه المستقبل، تُغذيها التجارب المعيشية الصعبة.
غير أن التقرير أشار إلى أن هذا التشاؤم يوازيه “تفاؤل سياسي مشروط” مرهون بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير شروط العيش الكريم.
وتتركز أولويات الشباب، بحسب الاستشارة، بشكل كبير على القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وفي صدارتها محاربة غلاء الأسعار وتحسين جودة الخدمات العمومية في قطاعي الصحة والتعليم.
كما أشارت النتائج إلى ضعف حاد في الثقة تجاه النخب السياسية والمؤسسات المنتخبة، إلى جانب عزوف عن الانخراط الحزبي، ويعود ذلك إلى تصور عام بـ “فساد النخب”.
هذا الميل للابتعاد عن العمل الحزبي دفع الشباب للبحث عن حلول بديلة تتراوح بين الهجرة والضغط عبر وسائل التواصل الاجتماعي والاحتجاج السلمي.
بناءً على هذا التشخيص، أكد نزار بركة أن أزمة الثقة تُستغل لترويج “مغالطات خطيرة” تدعو إلى “العودة لنقطة الصفر”.
وأطلق تحذيراً لاذعاً بشأن التداعيات، قائلاً: “الدعوات إلى إلغاء المؤسسات التمثيلية يهدد بنسف كل المكتسبات الديمقراطية، ومن شأنه أن يعيد بلادنا إلى نقطة البداية «RESET»”.
وهاجم بركة المناداة بحكومة تكنوقراطية بشدة، معتبراً إياها تهديداً لمبدأ الديمقراطية وربط المسؤولية بالمحاسبة. وأوضح أن “البروفايلات التكنوقراطية، مهما بلغت كفاءتها، لا يمكنها أن تتحمل المسؤولية السياسية بنفس درجة الفاعل الحزبي المنتخب”.
و على الرغم من كونه طرفاً في الائتلاف الحكومي، اعترف بركة بأن “نتائج الأداء الحكومي لم ترقَ إلى مستوى تطلعات الشباب”، خاصة في قطاعي الصحة والتعليم، واصفاً انتقاداتهم بأنها “مشروعة ومفهومة”.
وفي معرض دفاعه عن الإنجازات، أشار إلى ضخامة الأوراش الكبرى كمستشفى ابن سينا الجديد (11 مليار درهم) ومشروع الربط المائي، مذكراً بأن الحكومة تخصص سنوياً 110 مليارات درهم للصحة والتعليم و100 مليار لتحسين الدخل، مؤكداً أن هذه الأرقام تستدعي “ترسيخ ثقافة النجاعة والمحاسبة”.
وفي سياق الاستجابة لهذه التحديات، قدم حزب الاستقلال حزمة من المبادرات، أهمها الدعوة إلى إحداث “أكاديمية للشباب” موجهة لـ “جيل Z” تعتمد على المنصات الرقمية، ومقترح قانون خاص بالتطوع يمنح تعويضات تحفيزية.
وشدد بركة على أن مسؤولية الأحزاب اليوم تكمن في تأطير طاقات الشباب وتحفيزهم على المشاركة السياسية والمؤسساتية، باعتبارها المدخل الوحيد لتجنب الانزلاق نحو “العبث والفوضى”.
المصدر : العمق