المغرب يتأهب لقيادة ثورة الهيدروجين الأخضر

يعيش المغرب على وقع تحول طاقي كبير، مدفوعًا برغبة قوية في تحقيق السيادة الطاقية وتقليص اعتماده على الوقود الأحفوري. فالمملكة، التي كانت تستورد أكثر من 90% من احتياجاتها الطاقية، تراهن الآن على مصادر الطاقة المتجددة، وعلى رأسها الهيدروجين الأخضر، لتحقيق طموحات اقتصادية وبيئية كبرى.
حتى وقت قريب، كانت فاتورة واردات المغرب من الطاقات الأحفورية تشكل عبئًا ثقيلًا على الميزان التجاري. لكن هذا الواقع بدأ يتغير مع إطلاق استراتيجية وطنية جديدة للطاقة عام 2009. هذه الاستراتيجية، التي عرضها الدكتور مجيدي مصطفى، أستاذ السياسات الطاقية بجامعة الحسن الأول، ترتكز على محورين رئيسيين:
- رفع حصة الطاقات المتجددة في إنتاج الكهرباء إلى 52% بحلول عام 2030.
- تحقيق نجاعة طاقية تصل إلى 20%.
وقد أثمر هذا التوجه بالفعل عن إنجاز وتطوير 111 مشروعًا للطاقة المتجددة، بقدرة إنتاجية تفوق 3950 ميغاواط، لتتوزع بين الطاقة الشمسية، الريحية، والكهرومائية.
يشكل الهيدروجين الأخضر قمة طموحات المغرب في مجال الطاقة النظيفة. فالمملكة تستهدف إنتاج 3 ملايين طن سنويًا من هذه المادة بحلول عام 2030، وتلبية 4% من الطلب العالمي.
ولتحقيق هذا الهدف، تسعى لجذب استثمارات تتجاوز 32.6 مليار دولار، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي ومواردها الطبيعية الهائلة من الشمس والرياح.
هذا الطموح الكبير يرافقه تعزيز للروابط الكهربائية مع أوروبا وأفريقيا. فقد نجح المغرب في تزويد إسبانيا بحوالي 38% من طاقتها خلال أزمة أبريل 2025، ويستعد لإطلاق مشاريع ربط جديدة مع البرتغال وموريتانيا.
رغم التقدم المحرز، لا تزال هناك تحديات كبيرة تعيق التحول الكامل للطاقة في المغرب. من أبرزها:
- ضعف شبكات التخزين والنقل، الضرورية لدمج الطاقات المتجددة المتقطعة.
- غياب الكفاءات التقنية المحلية والاعتماد على الخبرات الأجنبية.
- تهميش المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتي يمكن أن تساهم بشكل كبير في خلق فرص العمل وتوزيع منافع التحول الطاقي.
يؤكد الخبراء أن المغرب يمتلك كل المقومات ليصبح قائدًا إقليميًا في مجال الطاقات النظيفة، لكن تحقيق هذا الحلم يتطلب تسريع وتيرة الإصلاحات وتوسيع قاعدة المستفيدين من هذه المشاريع الطموحة.
فهل سيتمكن المغرب من تجاوز هذه العقبات والانتقال بقطاع الطاقة إلى مرحلة جديدة من النمو والسيادة؟