الاقتصادية

الطاقة النووية تعود للواجهة عالميًا مع توسع آسيا وشراكات استراتيجية جديدة

يشهد قطاع الطاقة النووية العالمي موجة متجددة من الاهتمام، ليس فقط على مستوى السياسات، بل أيضًا في معدلات الإنتاج التي سجلت مستويات قياسية.

فوفقًا لتقرير الأداء النووي العالمي الصادر عن الجمعية النووية العالمية، بلغ توليد الكهرباء من المفاعلات النووية في عام 2024 نحو 2667 تيراوات/ساعة، متجاوزًا الرقم القياسي السابق الذي سُجل عام 2006 عند 2660 تيراوات/ساعة.

ووفقًا لتقرير نشرته ناشونال إنتريست للباحثة إيملي داي، كانت آسيا القوة المحركة لهذا النمو، حيث استحوذت على معظم المفاعلات الجديدة خلال العقد الماضي، بواقع 56 من أصل 68 مفاعلًا دخلت الخدمة، فضلًا عن 59 من أصل 70 مفاعلًا ما زالت قيد الإنشاء.

وفي العام الماضي وحده، بدأت سبعة مفاعلات جديدة العمل في دول منها الصين والهند والإمارات والولايات المتحدة، بينما انطلقت مشاريع أخرى في الصين ومصر وروسيا وباكستان.

في المقابل، شهدت بعض الدول إغلاقًا لمفاعلاتها مثل روسيا وكندا وتايوان، التي أنهت برنامجها النووي رسميًا.

ومع الضغوط المتزايدة على شبكات الكهرباء بفعل الذكاء الاصطناعي والطلب المتصاعد على الطاقة، يتعزز الدور الاستراتيجي للطاقة النووية كحل لتأمين إمدادات كهرباء مستقرة ونظيفة.

تتوقع الجمعية النووية العالمية ارتفاع الطلب على اليورانيوم بنسبة تصل إلى 30% بحلول 2030، مع إمكانية أن تصل القدرة الإنتاجية للمفاعلات إلى ما بين 552 و966 غيغاوات كهربائية بحلول 2040، وفقًا لسيناريوهات السوق والسياسات.

وتشير التقديرات إلى أن استهلاك اليورانيوم قد يقفز من 68,920 طنًا في 2025 إلى 200 ألف طن بحلول 2040 في حال تحقق النمو المرتفع.

لكن التحديات تكمن في محدودية الموارد على المدى البعيد، إذ يُتوقع أن تنفد عدة مناجم كبرى بحلول منتصف الثلاثينيات، بينما يستغرق تطوير مناجم جديدة ما بين 10 إلى 20 عامًا.

كما أن الاعتماد الحالي على المصادر الثانوية مثل المخزونات والوقود المعاد تدويره آخذ في التراجع، ما يبرز الحاجة إلى استثمارات أكبر في التعدين ودورة الوقود النووي لتجنب أزمات مستقبلية.

رغم التوترات التجارية، خطت الولايات المتحدة والهند خطوة متقدمة في شراكتهما النووية بتوقيع اتفاق لنقل تقنيات خاصة بمضخات المبرد الابتدائية.

هذا التعاون يعزز سياسة “صنع في الهند” ويساعد نيودلهي في تقليص الاعتماد على الواردات، بينما يتيح لواشنطن دورًا تقنيًا أكبر في مواجهة هيمنة الصين وروسيا على سلاسل الإمداد النووي.

وتسعى الهند إلى رفع إنتاجها النووي إلى 100 غيغاوات بحلول 2047 لتحقيق هدفها المتمثل في الحياد الكربوني بحلول 2070. وحتى أبريل الماضي، كانت البلاد تشغل 25 مفاعلًا بقدرة 8.88 غيغاوات تمثل 3% من الكهرباء المنتجة محليًا.

وفي الولايات المتحدة، أطلقت وزارة الطاقة مشروعًا رائدًا عبر شركة “لو أتوميكس” لبناء مفاعل تجريبي مبتكر يُعرف باسم “لو-إكس” في ولاية أيداهو، ليكون أول مفاعل يعتمد على التبريد بالصوديوم منذ أكثر من أربعة عقود.

ويُتوقع أن يحقق المفاعل الحرجية النووية بحلول منتصف 2026.

ويُعد “لو-إكس” خطوة تمهيدية لتطوير مفاعل “لو بود” غير المعياري بقدرة 50 ميغاوات، والمصمم لتزويد مراكز البيانات بطاقة نظيفة وموثوقة، وهو قطاع يشهد طلبًا متزايدًا على الطاقة.

بهذا، يبدو أن العالم يدخل مرحلة جديدة من السباق النووي، تقودها آسيا وتدعمها شراكات دولية واستثمارات تقنية، مع سعي الدول إلى تأمين مستقبلها الطاقي وسط التحولات المتسارعة.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى