الاقتصادية

قوانين صعود وسقوط الأمم: رؤية راي داليو

في خضم حالة عدم اليقين التي تسيطر على الساحة العالمية والتحولات الكبرى في موازين القوى، يطرح المستثمر والخبير الاقتصادي راي داليو سؤالًا جوهريًا: ما هي العوامل التي تدفع بعض الأمم إلى القمة، بينما تقود أخرى إلى الهاوية؟

يجيب داليو على هذا التساؤل في كتابه “مبادئ التعامل مع النظام العالمي المتغير”، الذي لا يكتفي بتقديم تحليل اقتصادي، بل هو بوصلة لفهم دورة حياة الإمبراطوريات بناءً على دراسة تاريخية ومالية تمتد لخمسة قرون.

يشرح داليو نموذجًا لدورة حياة أي قوة عظمى، تبدأ بـ”النظام الجديد”، ثم “القمة”، وتنتهي بـ”الانحدار”. فالدول تصعد عندما تتوفر لديها قيادة قوية، وابتكار، ونظام تعليمي متطور، وثقافة منتجة، وكفاءة في توزيع الموارد. ولكن بمجرد وصولها إلى القمة، تبدأ علامات التراجع في الظهور تدريجيًا:

  • تراجع الإنتاجية: يتباطأ النمو الاقتصادي وتقل القدرة على الابتكار.
  • تضخم الالتزامات: تتزايد النفقات العسكرية والمالية، مما يضع ضغطًا على الميزانية العامة.
  • اتساع فجوة الثروة: تزداد الفجوة بين الأغنياء والفقراء، مما يثير توترات اجتماعية.
  • تراكم الديون: تلجأ الحكومة إلى طباعة المزيد من النقود وتراكم الديون، مما يضعف قيمة العملة.
  • عوائد الاستثمار الحقيقية في بعض الدول الكبرى منذ عام 1912

    الترتيب

    الدولة

    أذون الخزانة

    الذهب

    1

    المملكة المتحدة

    %0.50

    %1.10

    2

    الولايات المتحدة

    %0.80

    %0.60

    3

    ألمانيا

    (%1.80)

    %2.10

    4

    فرنسا

    (%2.40)

    %1.70

    5

    إيطاليا

    (%2.50)

    %2.00

    6

    اليابان

    (%2.20)

    %1.20

    7

    سويسرا

    %0.30

    %1.30

    8

    إسبانيا

    (%2.90)

    %1.80

    9

    هولندا

    (%0.60)

    %0.40

    المتوسط

    (%0.10)

    %1.60

تتفاقم هذه المشكلات لتصل إلى ذروتها في صورة أزمات داخلية أو خارجية، قد تنتهي بثورات أو حروب، لتفتح الطريق أمام دورة جديدة تقودها قوة عظمى أخرى.

يقدم الكتاب مقارنة تحليلية لأداء الأصول المالية على مدار التاريخ. يكشف داليو أن العملات الحكومية حققت أداءً جيدًا في فترات الاستقرار، لكنها تدهورت قيمتها بشكل حاد خلال فترات التضخم والأزمات.

في المقابل، يبرز الذهب كأصل احتفظ بقيمته على المدى الطويل، متفوقًا على العديد من الأصول الأخرى، خاصة في الفترات المضطربة.

ويستعرض داليو أيضًا عوائد الاستثمار في الأسهم والسندات في عشر دول كبرى بين عامي 1900 و2020، موضحًا أن فترات الحروب والأزمات الاقتصادية كانت كارثية على المستثمرين، بينما ارتبطت فترات الاستقرار والابتكار بتحقيق عوائد مجزية.

يؤكد داليو أن التغيرات الجيوسياسية لا تقتصر على الصراعات العسكرية. فالاحتقانات الاقتصادية والاجتماعية يمكن أن تؤدي إلى ثورات جذرية، مثل الثورة الفرنسية (1789) والروسية (1917)، التي أحدثت تحولات عميقة في الأنظمة الحاكمة وأثرت بشكل مباشر على الأسواق والاقتصاد العالمي.

بناءً على هذه النظرة التاريخية، يحلل داليو كيفية انتقال القوة العالمية من هولندا إلى بريطانيا، ثم إلى الولايات المتحدة.

ويطرح الكتاب تساؤلًا حول ما إذا كانت الصين في طريقها لتصبح القوة العالمية القادمة، مشيرًا إلى أن المؤشرات الحالية تضع الولايات المتحدة في مرحلة “الانحدار”، بينما تتمتع الصين بخصائص القوة الصاعدة.

في النهاية، يقدم داليو خلاصة مفادها أن التاريخ يعيد نفسه، وأن فهم الدورات التاريخية للقوة يساعد المستثمرين وصناع القرار على توقع الأزمات وتجنبها.

أسوأ تجارب المستثمرين عبر التاريخ

 

الترتيب

الدولة

الفترة

أسوأ

عائد تراكمي

الأسباب والتفاصيل

1

روسيا

1900–1918

(%100)

الثورة البلشفية، مصادرة الأصول، وانهيار الأسواق المالية.

2

الصين

1930–1950

(%100)

الحرب الأهلية، صعود الشيوعية، وتدمير الأسواق قبل إعادة فتحها في أواخر الأربعينات.

3

ألمانيا

1903–1923

(%99)

التضخم المفرط في جمهورية فايمار بعد الحرب العالمية الأولى، أدى إلى انهيار الأصول.

4

اليابان

1928–1948

(%96)

انهيار الأسواق بعد الحرب العالمية الثانية، وتدهور قيمة العملة بشكل حاد.

5

النمسا

1903–1923

(%95)

تضخم مفرط مشابه لألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، أدى إلى خسائر هائلة.

6

فرنسا

1930–1950

(%93)

الكساد الكبير، الاحتلال النازي، والتضخم بعد الحرب.

7

إيطاليا

1928–1948

(%87)

خسائر الحرب العالمية الثانية والانهيار الاقتصادي اللاحق.

8

إيطاليا

1907–1927

(%82)

ركود اقتصادي طويل، وتضخم شديد خلال فترة حكم موسوليني.

9

فرنسا

1906–1926

(%75)

حروب متعاقبة وتضخم خانق في بدايات القرن العشرين.

10

إيطاليا

1960–1980

(%72)

أزمات طاقة، تضخم مرتفع، وضعف في النمو الاقتصادي.

11

الهند

1955–1975

(%67)

اضطرابات سياسية بعد الاستقلال، وأزمات اقتصادية مزمنة.

12

إسبانيا

1970–1990

(%59)

انتقال ديمقراطي صعب، وتضخم مرتفع في السبعينيات.

13

 ألمانيا

1929–1949

(%50)

دمار اقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية.

14

 فرنسا

1961–1981

(%48)

ضعف اقتصادي مزمن وتضخم مرتفع في الستينيات والسبعينيات.

15

بريطانيا

1901–1921

(%46)

الحرب العالمية الأولى، تلتها أزمة الكساد في 1920–1921.

وعلى الرغم من أن بعض هذه المبادئ قد تبدو بديهية، إلا أن الكتاب يضيف إليها إطارًا تحليليًا عميقًا يستند إلى خبرة داليو الواسعة في الأسواق المالية، مما يجعله دليلًا قيمًا لفهم الحاضر واستشراف المستقبل.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى