اقتصاد المغربالأخبار

تعليق حملة مراقبة الدراجات النارية…ترقيع مؤقت أم اعتراف بفشل الحكومة ؟

في خطوة مفاجئة، أعلن رئيس الحكومة تعليق حملة مراقبة الدراجات النارية ومنح مهلة انتقالية لمدة سنة. قد يبدو هذا القرار في الظاهر كحلاً وسطاً، لكنه في جوهره يعكس فشلاً ممتداً في إدارة ملف حيوي يمس حياة آلاف الأسر المغربية.

فالدراجات التي تُباع في السوق لم تأتِ من فراغ، بل عبرت الموانئ، واجتازت إدارات الدولة، وحصلت على وثائق رسمية مختومة، فكيف تصبح فجأة مخالفة تستوجب العقاب؟

الحقيقة أن الحكومة اختارت أسهل الطرق بالضغط على المستهلك العادي، بدل مواجهة لوبيات الاستيراد والتوزيع التي حققت أرباحاً طائلة من بيع دراجات غير مطابقة للمعايير.

فبدلاً من تحمل الحكومة مسؤولية الرقابة من المصدر، تركت السوق في حالة فوضى، ثم عادت لتلقي اللوم على المواطن البسيط.

هذا التراجع يكشف عجز السلطة التنفيذية عن الاستباق ووضع سياسات نقل شاملة تراعي العدالة الاجتماعية، ويبرز ازدواجية واضحة: فبينما تتغاضى الدولة عن كبار المستوردين، تُهدد في الوقت نفسه وسائل عيش آلاف الأسر التي تعتمد على الدراجة كوسيلة نقل ورزق.

إن الحديث عن السلامة الطرقية ومحاربة الحوادث يفقد مصداقيته حين يُختزل في مطاردة المستهلك العادي، بينما تُترك شبكات الاستيراد والتهريب دون مساءلة.

فإذا كانت الحكومة جادة، فعليها أن تبدأ الرقابة من الموانئ والجمارك والشركات المستوردة، لا من المواطن الذي اشترى الدراجة بشكل قانوني وشرّع وثائقها لدى نفس الدولة التي عادت اليوم لتجرّمه.

ما حدث ليس إصلاحاً، بل ترقيعاً مؤقتاً، والإصلاح الحقيقي يبدأ بمواجهة مراكز النفوذ الاقتصادية والإدارية، لا من تحميل المواطنين البسطاء ثمن فوضى صنعتها الدولة بنفسها.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى