تقرير أمريكي : المغرب يحوّل الاقتصاد إلى سلاح دبلوماسي لتعزيز سيادته بالصحراء

أبرزت مجلة وورلد بريس ريفيو الأمريكية أن المغرب يشهد تحوّلاً جوهريًا في استراتيجيته الدبلوماسية تجاه ملف الصحراء، حيث بات الاقتصاد أداة فعّالة لتعزيز السيادة الوطنية، بعد عقود طويلة كانت فيها الأبعاد الأمنية هي الإطار الأساسي للنقاشات.
وقالت المجلة في تقرير تحليلي مفصل إن المغرب أدرك أن الفوز في النزاع حول صحرائه لا يقتصر على التحالفات السياسية والشرعية فحسب، بل يتطلب أيضًا إظهار الإنجازات التنموية على الأرض، بما يترجم قدرة المملكة على إدارة الإقليم وتنميته.
واستفادت الرباط من اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسيادة المغرب على الصحراء في ديسمبر 2020، لتطلق هجومًا دبلوماسيًا يعتمد على التنمية الاقتصادية كرافعة لتعزيز موقفها دوليًا.
ويمثل هذا التحول نقل النقاش من إطار أمني ضيق إلى رؤية تنموية شاملة تُظهر قدرة المغرب على ضمان استقرار المنطقة ودمجها في الاقتصاد العالمي.
وقد بُني هذا التوجه على إرث من المشاريع التنموية الكبرى، أبرزها إطلاق “النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية” عام 2015 بميزانية 77 مليار درهم، لتحويل الأقاليم الجنوبية إلى قطب اقتصادي متكامل عبر مشاريع في البنية التحتية، الموانئ، الطاقة المتجددة، الربط الطرقي واللوجستي.
واعتبرت المجلة أن هذه الاستراتيجية عززت مصداقية مشروع الحكم الذاتي، مشيرة إلى أن مشروع ميناء الداخلة الأطلسي يمثل نموذجًا للبنية التحتية التي تدعم السيادة المغربية وتقدم رؤية بعيدة المدى للاستقرار والربط الإقليمي والتكامل الاقتصادي، حيث يبرهن على أن الصحراء ليست منطقة نزاع جامدة بل فضاء استثماري حيوي وجاذب.
وحظي هذا التحول بتقدير دولي واسع؛ ففي المملكة المتحدة، ربط دعمها لمبادرة الحكم الذاتي بمصالح اقتصادية واستراتيجية لتعميق الروابط التجارية، فيما أكد الرئيس الفرنسي أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية “أمر حتمي”، مع دعم باريس للمغرب في هذا المسار لفائدة السكان المحليين واستقرار المنطقة.
وترى المجلة أن هذه الدينامية مستمرة في التصاعد، خاصة مع التمويلات الأمريكية للمشاريع في الأقاليم الجنوبية، ما يعزز الانخراط الدولي في تنميتها ويحوّل الرؤية المغربية إلى مشروع عالمي يجذب مستثمرين من مختلف القارات.
ورغم المحاولات المتكررة لجبهة البوليساريو لإثارة العقبات أمام الشركات الأوروبية، يواصل مستثمرون عالميون افتتاح مكاتب لهم في العيون والداخلة، في مؤشر واضح على الثقة ببيئة الأعمال في المنطقة.
وتخلص وورلد بريس ريفيو إلى أن الاقتصاد أصبح السلاح الأبرز للمغرب في معركة الصحراء، ليس فقط لإقناع العواصم الكبرى، بل لتغيير الصورة النمطية التي حاول خصوم المملكة ترسيخها لعقود، بينما تستمر المشاريع التنموية في تحويل الصحراء إلى قصة نجاح تنموي مرئية عالميًا.
وأضاف التقرير أن المقاربة الاقتصادية المغربية تعيد صياغة ميزان القوى الإقليمي في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، وتجعل الاستثمار والتنمية أداة لإعادة التوازن وتعزيز حضور المغرب كقوة استقرار ونمو في منطقة جيوسياسيًا مضطربة، ممهدة لإغلاق تدريجي لملف الصحراء على أساس الحكم الذاتي.