الاقتصادية

إندونيسيا تدمج الذكاء الاصطناعي والبرمجة في المدارس استعدادًا لعصر الرقمنة

تواجه إندونيسيا تحديًا استراتيجيًا يتمثل في تحديث نظامها التعليمي لضمان تجهيز الطلاب بالمهارات الضرورية للنجاح في العصر الرقمي. ورغم التقدم الملحوظ، لا يزال النظام يواجه مشكلات تتعلق بنقص المعلمين، والتوزيع غير المتكافئ لهم، واعتماد الأساليب التقليدية التي تقيد الإبداع وتنمية مهارات التفكير النقدي.

يعد نظام التعليم الإندونيسي رابع أكبر نظام في العالم، مع أكثر من 60 مليون طالب و300 ألف مدرسة وما يزيد على 3 ملايين معلم. ولهذا، فإن إدخال التكنولوجيا في المناهج الدراسية أصبح ضرورة، حيث أعدت الحكومة إطارًا أكاديميًا جديدًا، وبدأت تدريب المعلمين على تدريس المواد الرقمية.

وبداية من العام الدراسي 2025-2026، ستدخل إندونيسيا البرمجة والذكاء الاصطناعي كمادتين اختياريتين في المدارس الابتدائية والثانوية، بهدف تطوير مهارات التفكير النقدي والحساب لدى الطلاب، وإعدادهم لسوق العمل الرقمي المتنامي في البلاد.

يعتمد التعليم الحديث على منصات التعلم المخصصة وأنظمة التدريس الذكية التي توفر التقييم الفوري والملاحظات الآلية. ورغم هذه الخطوة الإندونيسية، فإنها تأتي متأخرة نسبيًا مقارنة بدول مثل الصين، التي تبنت مبادرات تعليمية رقمية منذ عقود، واستفادت من أدوات الذكاء الاصطناعي مثل “شات جي بي تي” منذ 2023.

رغم اعتراف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بجهود إندونيسيا في التحول الرقمي، إلا أن الفجوة بين النتائج الحالية وطموحات البلاد ما تزال كبيرة، خصوصًا فيما يتعلق بضمان الوصول العادل إلى الإنترنت في جميع المدارس.

كما يمثل تفاوت مهارات المعلمين التقنية تحديًا آخر، حيث يشعر كثير منهم بأن الطلاب أكثر كفاءة في استخدام التكنولوجيا، مما يحوّل دور المعلم من مصدر وحيد للمعرفة إلى ميسّر لعملية التعلم المتطورة.

يمكن للمدارس المجهزة ببنية تحتية متقدمة، مثل مختبرات الوسائط المتعددة أو شبكة إنترنت مستقرة، استخدام الأجهزة اللوحية والحواسيب المحمولة للتعلم التفاعلي.

أما المدارس التي تفتقر لهذه الإمكانيات، فستوفر الحكومة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، بالإضافة إلى اعتماد طرق تعليمية غير رقمية، مثل الألعاب التعليمية من نوع “ليجو”.

أحد الابتدائيات في نوسانتارا كانت من أوائل المدارس التي بدأت بتدريس مفاهيم الذكاء الاصطناعي والبرمجة، باستخدام مختبر حاسوب يضم 30 جهازًا، دون الحاجة إلى مدرسين متخصصين، مع خطط للتوسع على نطاق أوسع مع بداية العام الدراسي الجديد.

وأكد وينر جهاد أكبر، المسؤول بوزارة التعليم الإندونيسية، أن إتقان المهارات التقنية سيمكن الطلاب من مواجهة الثورة الصناعية المستمرة، وتأهيلهم ليصبحوا قادة التكنولوجيا المستقبليين في البلاد، من خلال تنمية قدراتهم على التفكير الحسابي وحل المشكلات بشكل منهجي.

تنضم إندونيسيا بذلك إلى قائمة متزايدة من الدول التي تدمج الذكاء الاصطناعي والمعرفة الرقمية في المناهج الدراسية، لتلبية متطلبات سوق العمل المتطور، وتحويل نظامها التعليمي من الأساليب التقليدية إلى نظام ذكي ومواكب للعصر الرقمي.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى