جي بي مورغان : الاقتصاد المغربي يسجل أداءً استثنائياً بمسار خالٍ من الاختلالات الكبرى

يشهد الاقتصاد المغربي طفرة نوعية، مدعومًا ببرنامج تنموي طموح يهدف إلى تحول جذري في النموذج الاقتصادي وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
هذا الزخم الاقتصادي المتسارع يضع المغرب بقوة على مسار الحصول على تصنيف الدرجة الاستثمارية (Investment Grade)، وهو اعتراف دولي بمتانة المالية العامة للبلاد وانخفاض مخاطر التخلف عن سداد الديون.
يؤكد بنك جي بي مورغان (JP Morgan) في تقرير صدر في يوليو 2025 أن المغرب يتمتع بمسار اقتصادي كلي سليم وخالٍ من الاختلالات الكبيرة. وقد استفاد المغرب بشكل ملحوظ من تدفقات الاستثمار الأجنبي، التي ساهمت في توجيه الاقتصاد نحو قطاعات ذات قيمة مضافة أعلى.
كما لفت محللو “كابيتال إيكونوميكس” الانتباه إلى النمو اللافت لقطاع صناعة السيارات، خصوصًا في مدينتي طنجة والقنيطرة.
بفضل الاستثمارات الأوروبية والصينية، يتوقع أن يتجاوز المغرب في إنتاجه السنوي من السيارات دولاً مثل إيطاليا وبولندا ورومانيا، إذا استمر هذا الزخم في النصف الثاني من العام.
يتوقع خبراء الاقتصاد أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي المغربي نموًا بنحو 4% خلال عام 2025، مع استمرارية هذا النمو في السنوات اللاحقة. يعود هذا الأداء القوي إلى انتعاش القطاع الزراعي وقوة الأنشطة غير الزراعية، بدعم من طلب محلي قوي وتراجع في معدلات التضخم.
أظهرت البيانات أن الأنشطة غير الزراعية قادت النمو بنسبة 4.6%، متجاوزة نسبة 3.6% المسجلة في عام 2024. في الوقت نفسه، سجل القطاع الصناعي ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 4.5% مقارنة بـ 3.2% في العام السابق.
ويبرز قطاع صناعة السيارات كقاطرة رئيسية للنمو، مدعومًا بالتوسعات في مصانع “ستيلانتيس” بالقنيطرة و”رينو” في طنجة. يعمل في هذا القطاع أكثر من 260 شركة، ويوفر فرص عمل لأكثر من 230 ألف عامل.
بلغت صادرات السيارات 157 مليار درهم (17.3 مليار دولار)، بزيادة قدرها 36%، وتشكل هذه الصناعة حاليًا أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي وربع الصادرات الوطنية.
لم يقتصر هذا النمو على قطاع السيارات فقط، بل امتد ليشمل قطاعات أخرى بفضل الاستقرار الاقتصادي والسياسي الذي يتمتع به المغرب، إضافة إلى ميزته التنافسية الجغرافية واللوجستية، وبنيته التحتية المتطورة.
كما عزز الاستثمار في الطاقة المتجددة مكانة المغرب وجذب مشاريع استثمارية بارزة، من بينها أكبر حوض لبناء السفن في أفريقيا ومصانع لبطاريات السيارات الكهربائية المتقدمة.
يشهد قطاع السياحة أيضًا ازدهارًا واضحًا، حيث ارتفع عدد الزوار بنسبة 16% في النصف الأول من عام 2025 مقارنة بالعام السابق، مما يعزز بشكل كبير إيرادات البلاد من العملة الصعبة.
على صعيد ميزان الحساب الجاري، سجل المغرب عجزًا منخفضًا بلغت نسبته 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، وهو أدنى مستوى له منذ جائحة كورونا.
وانخفض هذا العجز بشكل أكبر إلى 1.1% في الربع الأول من عام 2025، مع توقعات بتحوله إلى فائض صغير في المستقبل. يعكس هذا التحسن قوة الاقتصاد المغربي واستقراره في ظل تقلبات الأسواق الناشئة.
إن التنوع الاقتصادي، والاستقرار، والقوة التنافسية، فضلاً عن جاذبية الاستثمارات الأجنبية المتزايدة، كلها عوامل تجعل المغرب، وفقًا لخبراء عالميين، مرشحًا واعدًا للحصول على تصنيف الدرجة الاستثمارية (Investment Grade) في المستقبل القريب. هذا التصنيف من شأنه أن يعزز مكانة المغرب كوجهة استثمارية رئيسية في المنطقة والعالم.