وزارة الثقافة تخصص أكثر من 24 مليون درهم لدعم 23 مشروعًا سينمائيًا

قررت وزارة الثقافة ضخ مبلغ مالي يفوق 24 مليون درهم لدعم 23 مشروعًا سينمائيًا، في خطوة جاءت وسط نقاش واسع حول مدى جدوى هذا التمويل وأثره الحقيقي على صناعة السينما الوطنية وجمهورها الفعلي، الذي يجهل في الغالب هذه الأعمال ولا يتفاعل معها.
تأتي هذه المبادرة رغم التقدير الكبير لدور دعم الإبداع الثقافي، إلا أن حجم الميزانيات المخصصة لبعض المشاريع وطبيعة الأعمال المنتقاة أثارت شكوكًا حول شفافية معايير الاختيار، ومدى العائد الفني والجماهيري لهذه الاستثمارات.
فمن بين الأعمال المدعومة، يبرز فيلم “قصة حب في 10 أغاني، 3 أعراس وقبلة واحدة” الذي تجاوزت ميزانيته أربعة ملايين درهم، بالإضافة إلى فيلم “البقرة المقدسة” الذي حظي بدعم يفوق 3.5 ملايين، مما يطرح تساؤلات حول مردودية هذه المشاريع في تعزيز المشهد السينمائي الوطني.
كما أثارت تخصيصات كبيرة لإعادة كتابة سيناريوهات لأفلام تحمل عناوين غير واضحة مثل “خارج التغطية”، “العودة” و”موسم البرقوق” انتقادات بشأن غياب آليات تقييم فعالة بعد صرف التمويلات، خاصة على صعيد التوزيع، عدد المشاهدات، والتمثيل في المهرجانات المحلية والدولية.
تزداد المخاوف في ظل غياب نظم مراقبة وتقييم صارمة تفرض على المستفيدين تقديم تقارير أداء توضح التأثير الثقافي والفني، في وقت يعاني فيه قطاع المسرح من تراجع مستمر، والمكتبات من إغلاقات متكررة، فيما يواجه عدد من الفنانين ظروفًا مهنية صعبة.
تستمر عملية الدعم في التمركز ضمن نطاق ضيق، يغيب عنه الشفافية، ما يستدعي إعادة النظر العميقة في نماذج الدعم، وربط التمويل العام بنتائج ملموسة تحقق العدالة الثقافية وتعزز المردودية الفنية والاجتماعية.
وفي لفتة غير مسبوقة، طرحت الدورة الأخيرة سؤالًا حول تعرض المرشحين لضغوط وابتزازات محتملة، ما يسلط الضوء على تحديات أخرى في إدارة الدعم السينمائي، دون أن تعالج المشاكل الأساسية المتعلقة بمعايير الاستحقاق، جودة الأعمال، واستدامة آليات التمويل، التي لم تثبت بعد فعاليتها في بناء صناعة سينمائية وطنية متينة وقادرة على المنافسة.
وبغياب إصلاحات جوهرية وشاملة لمنظومة التمويل، ستظل الدورات المقبلة تعيد إنتاج نفس الأسماء والآليات، دون تحقيق تأثير ملموس على المشهد الثقافي أو توسيع قاعدة الجمهور، مما يجعل ربط الدعم الحكومي بالشفافية، الحكامة، والفعالية مطلبًا عاجلاً لا يمكن تأجيله.