سناب شات…عبقرية الإبداع بين القمة ودوامة الخسائر

في ساحة التواصل الاجتماعي الصاخبة، يسطع “سناب شات” كظاهرة فريدة: أكثر من 450 مليون مستخدم يوميًا يتبادلون اللحظات العابرة، ورغم ذلك، لم تشهد خزائنه طعم الربح إلا في فصلين ماليين على مدار أكثر من عشرة أعوام.
عندما غاصت باقي المنصات في مطاردة الكمال الرقمي، أطلّ “سناب شات” عام 2011 كصوت يناهض الزيف: مؤسّساه إيفان شبيجل وبوبي ميرفي طرحا فكرة بسيطة لكنها ثورية—الرسائل اللحظية العابرة التي تختفي بعد ثوانٍ.
فكسروا بذلك احتكار الحياة المتأنقة على فيسبوك وإنستجرام، وفتحوا المجال لجيل يبحث عن صدق اللحظة بعيدًا عن مرارة مقارنة المنصات.
أسلحة غيرت قواعد اللعبة
– القصص المؤقتة: مشاركة يوميات تختفي بعد 24 ساعة، حتى استنسختها جيوش المنصات وجعلوها خاصيات أساسية.
– سلاسل اللقطات (Snapstreaks): خلق عادة يومية من التفاعل اليومي، فأصبحت اللعبة التي لا يُمكن التوقف عنها.
– فلاتر الواقع المعزز: جلب المجوهرات الافتراضية ووجوه الجراء المضحكة إلى متناول الجميع، فحوّل تقنية معقدة إلى ترفيه شائق.
و ما إن لامس “سناب شات” القمة، حتى بدأت “ميتا” بالكبس على الابتكارات: القصص على إنستجرام، والفلاتر على فيسبوك، والاستثمار الضخم يملأ جيوب المنافسين. وهكذا تبخرت سريعًا الفائدة الوحيدة التي كانت تميّزه.
و على عكس منصات التمرير المتواصل التي تجذب المستخدم لساعات طويلة، يقدم “سناب شات” تجربة سريعة ومقتضبة، بمتوسط استخدام لا يتجاوز 3 ساعات و20 دقيقة شهريًا، مقارنةً بـ16 ساعة لإنستجرام و34 ساعة لتيك توك.
هذا الاختلاف يجعل المعلنين حذرين، خصوصًا وأن الجمهور الرئيسي هم المراهقون—ذوو التأثير الثقافي الكبير لكن القوة الشرائية المحدودة.
و رغم الخسائر الكبيرة—مثل 40 مليون دولار خسرتها في نظارات “Spectacles”—واصلت الشركة ضخت المليارات بحثًا عن نموذج جديد.
وبدا ضوء في نهاية النفق حين أعلنت عن الربع المالي الأخير في 2024 كأحد فصلَي الربح في تاريخها، مدعومة بقفزة هائلة في اشتراكات “Snapchat+” التي تجاوز عدد مشتركيها 14 مليون.
كما نجح “سناب شات” في فرض رؤيته العفوية على الإنترنت، وأجبر العمالقة على تقليد ابتكاراته، لكنه ما زال يكافح لترجمة قاعدة مستخدميه الضخمة إلى أرباح ثابتة.
فالتحول نحو الاشتراكات قد يكون طوق نجاة، لكن المستقبل وحده كفيل بأن يحدد: هل سيصبح “الشبح الأصفر” قوة مالية لا يُستهان بها، أم يظل الأسطورة التي فشلت في تأمين مكاسبها؟