ضغوط ترامب وتحديات الاقتصاد الأميركي تضع البنك المركزي في مأزق قبل اجتماعه المقبل

يستعد البنك المركزي الأميركي (الاحتياطي الفدرالي) لعقد اجتماعه الثالث منذ عودة دونالد ترامب إلى سدة الحكم، وذلك في ظل ضغوط سياسية متزايدة ومشهد اقتصادي متقلب.
ويُتوقع على نطاق واسع أن يُبقي المركزي أسعار الفائدة دون تغيير، في نطاق يتراوح بين 4.25% و4.50%، وهو المستوى المعتمد منذ دجنبر الماضي.
وأكد مسؤولو الاحتياطي الفدرالي رغبتهم في مراقبة كيفية تفاعل الاقتصاد مع السياسات الحمائية التي ينتهجها ترمب، لا سيما بعد تصاعد التوترات التجارية، خصوصاً مع الصين.
رغم استقرار المؤشرات الرسمية نسبيًا، مثل معدل البطالة الذي بلغ 4.2% في أبريل والتضخم الذي سجل 2.3% في مارس، إلا أن الاحتياطي الفدرالي لا يخفي قلقه من المستقبل. فقد خفض البنك توقعاته للنمو ورفع تقديراته للتضخم والبطالة خلال اجتماعه الأخير.
وقد أثرت الحرب التجارية بين واشنطن وبكين بشدة على التبادلات التجارية، كما أن فرض رسوم إضافية بنسبة 10% على واردات متنوعة – من بينها منتجات لا تُزرع في الولايات المتحدة مثل الكاكاو – أدى إلى زيادة الأعباء على الشركات والمستهلكين الأميركيين.
وقالت لوريتا ميستر، الرئيسة السابقة لفرع الاحتياطي الفدرالي في كليفلاند، إن الجمود الحالي في السياسة النقدية هو القرار “الصحيح”، محذّرة من أن الرسوم الجمركية قد تُبطئ النمو وربما تُدخل الاقتصاد في ركود إذا استمر التصعيد التجاري.
وأكدت على أهمية الاستعداد لخفض الفائدة سريعاً إذا تباطأ النشاط الاقتصادي بوضوح.
يأتي الاجتماع في ظل تصاعد الانتقادات العلنية من الرئيس ترمب ضد رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول. ففي أواخر أبريل، وصف ترمب باول بـ”الخاسر الكبير”، ملمّحاً إلى رغبته في إنهاء ولايته، رغم تأكيده لاحقاً أنه لا ينوي عزله.
وفي تصريحات متكررة، طالب ترمب بخفض أسعار الفائدة، نافياً وجود تضخم في الاقتصاد. وكتب عبر منصته “تروث سوشال”: “على البنك المركزي أن يخفض الفائدة، لا يوجد تضخم”، في إشارة مباشرة إلى خلافه مع سياسة باول.
ورغم هذه الضغوط، أعربت ميستر عن ثقتها في استقلالية قرارات البنك المركزي، مشيرة إلى أن ما يميز تدخلات ترمب هو حدتها وتكرارها مقارنة بالرؤساء السابقين.
ومن جانبها، حذّرت أستاذة الاقتصاد بيليندا رومان من أن خفض الفائدة في هذه المرحلة قد يُفسر كعلامة على الذعر، ما قد يؤدي إلى اهتزاز ثقة الأسواق، مضيفة: “إذا اعتقدت الأسواق أن الاحتياطي الفدرالي في حالة هلع، فإن الجميع سيصابون بالذعر فعلاً”.
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، يبقى الاحتياطي الفدرالي أمام اختبار صعب: الحفاظ على هدوئه واستقلاله بينما تتزايد الضغوط السياسية والاقتصادية من جميع الجهات.