تزايد الحذر في قطاع الإعلانات مع تصاعد المخاوف الاقتصادية والجمركية

تستعد كبرى شركات الإعلان لمواجهة تباطؤ محتمل في إنفاق عملائها على التسويق مع تصاعد حالة عدم اليقين الاقتصادي، خصوصاً في ظل تأثير الرسوم الجمركية الأميركية والضغوط التضخمية.
ورغم أن مجموعتي “بابليسيز” الفرنسية و”أومنيكوم” الأميركية أكدتا مؤخراً أن التأثيرات السلبية لم تظهر بعد بشكل ملموس على ميزانيات عملائهما، إلا أن رؤساء الشركتين لم يستبعدوا حدوث تراجعات مستقبلية مع استمرار الغموض.
قال آرثر سعدون، الرئيس التنفيذي لشركة “بابليسيز”، خلال مكالمة مع المحللين، إن العديد من العملاء يواجهون تحديات معقدة بسبب ارتفاع التضخم وتصاعد التوترات الجيوسياسية، مشيراً إلى أن هذه العوامل قد تدفع إلى تخفيضات لاحقة في الإنفاق.
تشير المعطيات إلى أن قطاع السيارات، الأكثر عرضة للحروب التجارية، قد يكون في طليعة القطاعات التي ستقلص نفقاتها التسويقية. وقد بدأت شركات مثل “فورفيا” بالفعل خفض مصاريف التسويق والسفر لمواجهة الضغوط القادمة.
وحذر أوليفييه دوران، المدير المالي لشركة “فورفيا”، من أن كل نفقة خارجية تخضع الآن لمراجعة دقيقة لتقليص السيولة الخارجة من الشركة.
و بحسب خبراء مثل كريغ هوبر من “هوبر ريسيرش بارتنرز”، فإن تقليص الإعلانات يُعتبر الخيار الأسرع والأسهل للشركات في أوقات الاضطراب مقارنة بتسريح الموظفين أو إغلاق الفروع.
وبالفعل، عدّلت شركة “أومنيكوم” نطاق نموها العضوي المتوقع للعام الجاري، مخفضة الحد الأدنى له إلى 2.5% بدلاً من 3.5%، بينما أكدت “بابليسيز” التزامها بنمو يتراوح بين 4% و5%، مع التشديد على أن نسبة 4% تُعد الحد الأدنى في ظل الظروف الحالية.
في المقابل، حذرت شركة “دبليو بي بي” البريطانية من أن مبيعاتها قد تبقى ثابتة أو تنخفض بنسبة تصل إلى 2% هذا العام، مشيرة إلى أن الضبابية الاقتصادية تؤثر سلباً على ثقة الشركات.
رغم التحديات، أظهرت الخبرة السابقة أن التوقف عن الإنفاق الإعلاني بشكل جذري خلال الأزمات قد يؤدي إلى تراجع الولاء للعلامة التجارية، ما ينعكس سلباً على الأرباح المستقبلية.
وحذرت المحللة أنيك ماس من “بيرنشتاين” من أن تقليص الإعلانات في الأوقات الصعبة قد يكون قراراً خاطئاً، إذ يجب استغلال هذه الفترات لتعزيز العلاقة مع المستهلكين الذين يصبحون أكثر انتقائية.
بدلاً من التخفيضات الحادة، يتجه العديد من المعلنين إلى إعادة توجيه إنفاقهم نحو قنوات أكثر فعالية وكفاءة.
و باتت الإعلانات عبر شبكات البيع بالتجزئة، والمنصات الرقمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، تمثل الأولوية على حساب الحملات التلفزيونية التقليدية عالية التكلفة، بحسب تقرير صادر عن “سكوتيا بنك”.
وقد سجلت شركة “ألفابت”، المالكة لـ”غوغل”، قفزة في عائدات الإعلانات عبر البحث بلغت 50.7 مليار دولار في الربع الأول من 2025، بدعم من قطاعات التأمين والتجزئة والرعاية الصحية والسفر.
في انتظار نتائج “ميتا” و”أمازون” قريباً، يترقب المستثمرون إشارات إضافية حول مدى قوة سوق الإعلانات الرقمية في ظل هذا المناخ الاقتصادي المتقلب.
ختاماً، يتضح أن استراتيجية الشركات الإعلانية في الفترة المقبلة ستعتمد على الحذر والانتقائية، مع التركيز على العائد المباشر للاستثمار، وسط ترقب عالمي لمسار الاقتصاد في النصف الثاني من 2025.