المغرب والبرازيل: خطوة جديدة نحو شراكة استراتيجية متعددة الأوجه
في خطوة من شأنها الارتقاء بالشراكة بين كل من المغرب والبرازيل، العضو في منظمة “بريكس”، تبنى أكثر من 50 عضوا بمجلس الشيوخ البرازيلي ملتمسا يدعو الحكومة الفيدرالية إلى تحويل الشراكة القائمة بين بلادهم والرباط إلى “شراكة استراتيجية متعددة الأوجه”
وأشار موقعو الملتمس إلى تضاعف حجم المبادلات التجارية بين البلدين ما بين سنتي 2017 و2022، وإلى التظاهرات العالمية التي سيستضيفها المغرب خلال قادم السنوات، على غرار تنظيمه كأس العالم لسنة 2022 في إطار تنظيم مشترك مع إسبانيا والبرتغال. كما لفتوا إلى المشاريع الواعدة التي يتفاوض البلدان بشأنها فيما يخص الصناعات الدفاعية وصناعة الأسمدة
وكانت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ البرازيلي قد صادقت، في شهر ماي الماضي، على اتفاقية للتعاون في مجال الدفاع مع المغرب، كان البلدان قد وقعا عليها في يونيو من العام 2019 وتهم مجال البحث والتطوير وتبادل الخبرات العسكرية إضافة إلى نقل التكنولوجيا العسكرية. كما تجمع البلدان مجموعة من الاتفاقيات في المجال القضائي وفي مجال تيسير الاستثمار بينهما، حيث عرفت العلاقات المغربية البرازيلية تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، مدعومة بالمواقف المتزنة لبرازيليا من القضايا ذات البعد الاستراتيجي والقومي بالنسبة للرباط
و يرى الخبير الاقتصادي بدر زاهر الأزرق أن “هذا الملتمس، الذي تقدم به مجلس الشيوخ البرازيلي، يأتي في سياق تأسيس المملكة المغربية لتحول بنيوي في اقتصادها الوطني، حيث اتجهت المملكة إلى تعزيز حضور مجموعة من الصناعات على مستوى مشهدها الاقتصادي على غرار صناعة الأسلحة وصناعة السيارات والصناعات الدوائية وغيرها
ويضيف الأزرق أن “هذا التوجه يفترض وجود شركاء دوليين كبار كالبرازيل الرائدة على هذه المستويات
ويرى المتحدث ذاته أن “الريادة التي تحققها البرازيل والدينامية التي انخرط فيها المغرب تفتحان آفاقا واسعة للتعاون الثنائي بين البلدين في عديد من المجالات، خاصة في مجال الصناعات الغذائية والتحويلية والمجال الزراعي من أجل ضمان البلدان لأمنهما الغذائي في ظل التحولات والتحديات التي تعرف منظومة الغذاء العالمية
ويشير الأزرق إلى أن “الدولة البرازيلية تمتلك أراض شاسعة؛ وبالتالي فهي بحاجة إلى إمدادات مستمرة من الفوسفاط المغربي وبأثمنة تفضيلية”، لافتا إلى “الشراكة بين البلدين على هذا المستوى بلغت مراحل متقدمة، حيث تسعى المملكة إلى تكرار تجربتها الإفريقية الناجحة في هذا المجال مع البرازيل عن طريق إنشاء مصنع خاص بالأسمدة في هذا البلد
وخلص الخبير الاقتصادي إلى “وجود مجموعة من القطاعات في كلا البلدين والمرتبطة بالطاقات المتجددة والتي يمكن أن تكون هي الأخرى مجالا خصبا للتعاون الاستثمار فيما بينهما، خاصة مع غياب أية حواجز ترابية أو سياسية بين هذين البلدين، إذ إن ما يربط بينهما هو مجرد بحر؛ وهو ما يفتح بدوره المجال لخلق منصات مينائية وخطوط تجارية مباشرة من أجل تسهيل التواصل التجاري بينهما والرفع من حجم مبادلاتهما التجارية”، مشيرا في هذا الصدد إلى الخطاب الملكي الأخير الذي أسس لهذا التوجه
و تبدو خطوة مجلس الشيوخ البرازيلي خطوة مهمة في اتجاه تعزيز الشراكة بين المغرب والبرازيل، وهي خطوة تعكس التوجه الإستراتيجي لكلا البلدين نحو تعميق التعاون بينهما في مختلف المجالات
ويمكن أن تستفيد هذه الشراكة من مجموعة من العوامل الإيجابية، أهمها:
غياب أية حواجز ترابية أو سياسية بين البلدين، مما يسهل عملية التواصل والتعاون بينهما
تنوع الاقتصادين المغربي والبرازيلي، مما يوفر فرصا واسعة للتعاون في عديد المجالات
وجود مواقف متقاربة بين البلدين تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية
وفي ظل هذه العوامل الإيجابية، يمكن أن تصبح الشراكة بين المغرب والبرازيل شراكة استراتيجية متعددة الأوجه، تسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في كلا البلدين، كما تسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة جنوب المتوسط