الصين تراهن على سوقها الداخلية لتعويض خسائر التصدير وتخفيف آثار الحرب التجارية مع واشنطن

في ظل تصاعد الضغوط الناتجة عن النزاع التجاري مع الولايات المتحدة، أعلنت الصين عن نيتها استثمار حجم سوقها المحلي الضخم لدعم الشركات وتخفيف وقع الصدمات الخارجية على قطاع التصدير.
وجاء في بيان صادر عن وزارة التجارة الصينية، عقب اجتماع عُقد في بكين بمشاركة نائب الوزير شنغ تشيو بينغ، أن “السوق المحلية تشكّل ركيزة قوية لدعم الشركات المصدّرة”، مشيرة إلى أهمية “تعظيم الاستفادة من مزايا السوق فائقة الاتساع”، والعمل على “تحقيق التوازن بين استقرار التجارة الخارجية وتحفيز الاستهلاك المحلي”.
تتزامن هذه التصريحات مع تحركات لافتة من جانب كبرى شركات التجارة الإلكترونية في الصين، مثل “علي بابا” و”جيه دي.كوم” و”تينسنت”، حيث أعلنت عن خطط لمساندة المصدرين الصينيين عبر تعزيز وجودهم في السوق المحلية.
وصرّحت “جيه دي.كوم” بأنها ستشتري منتجات مخصصة للتصدير بقيمة لا تقل عن 200 مليار يوان (نحو 27.4 مليار دولار) لترويجها داخل الصين خلال العام المقبل.
لكن، رغم هذه المبادرات، فإن تحويل الاستهلاك المحلي إلى بديل يعوّض ضعف الطلب الأميركي يشكّل تحدياً حقيقياً، خاصة مع تراجع ثقة المستهلكين وضعف سوق العمل، ما يدفع الكثيرين إلى تقليص الإنفاق. كما أن فائض الإنتاج في بعض الصناعات زاد من حدة المنافسة السعرية، مما فاقم الضغوط الانكماشية على الاقتصاد الصيني.
وفي إطار جهودها لمواجهة هذا الوضع، أعلنت وزارة التجارة عن دعم التعاون بين جمعيات الأعمال والمتاجر الكبرى ومنصات البيع الإلكتروني مع شركات التصدير، بهدف مساعدتها على تصريف منتجاتها في السوق الداخلية.
وقد بدأت هذه الجهود بحملة أطلقتها الوزارة في مقاطعة هاينان، لترويج المنتجات المعدّة أصلاً للتصدير. وتستهدف هذه الحملة قطاعات متعددة مثل الصناعات الميكانيكية والكهربائية، والمنسوجات، والأغذية، والمعادن، والمنتجات الكيماوية، والرعاية الصحية. ومن المرتقب توسيع المبادرة لتشمل عشر مقاطعات إضافية في الفترة المقبلة.
في الوقت نفسه، لجأ العديد من المصدّرين إلى منصات التواصل الاجتماعي للترويج لمنتجاتهم عبر عروض وتخفيضات مغرية، بعد أن تراكمت المخزونات نتيجة إلغاء طلبيات من المشترين الأميركيين.
هذه الخطوات تعكس إصرار الصين على تأمين استقرار قطاعها التصديري من خلال تحفيز السوق المحلية وتوسيع قنوات التصريف الداخلي، في مواجهة بيئة خارجية تتسم بعدم اليقين.