بين الكفاءة والتميز: كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل المشهد المالي المغربي؟

في ظل التطور التكنولوجي المتسارع، برز الذكاء الاصطناعي كأحد أهم الركائز الداعمة لتحول القطاع المالي والبنكي في المغرب. فقد ساهم في تعزيز الكفاءة التشغيلية، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للعملاء، ورفع القدرة التنافسية للمؤسسات المالية.
وفي هذا الصدد، أكد محمد سعد، نائب المدير العام في بورصة الدار البيضاء ومؤلف كتابَي “Le Digital, de l’efficience à l’excellence” و “How DIGITAL Leads to Excellence”، أن الذكاء الاصطناعي أصبح عنصرًا أساسيًا في إعادة تشكيل المشهد المالي.
وأشار إلى أن الابتكار في آليات العمل وتفاعلات خدمة العملاء يعد من أبرز نتائج التحول الرقمي الذي تسارعت وتيرته منذ عام 2022.
تشير التوقعات العالمية إلى أن الذكاء الاصطناعي سيحقق قفزة اقتصادية غير مسبوقة. فحسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي (2016)، من المتوقع أن يضيف الذكاء الاصطناعي نحو 100 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بين 2016 و2030، وهو رقم يفوق الناتج المحلي الإجمالي لأكبر اقتصادات العالم.
كما توقعت شركة “PwC” (2017) أن يسهم الذكاء الاصطناعي بـ 15.7 تريليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، بينما قدّرت “McKinsey” (2018) تأثيره بنحو 13 تريليون دولار في العام نفسه.
و أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا من استراتيجيات التحول الرقمي للبنوك المغربية، حيث يُستخدم في:
1. تحسين خدمة العملاء:
– تُطبق بعض البنوك أنظمة ذكية لمعالجة شكاوى العملاء، تعتمد على تحليل تلقائي للشكاوى وتقديم إجابات دقيقة وسريعة.
– تعتمد هذه الأنظمة على سيناريوهات مبرمجة مسبقًا ، و قواعد معرفية متجددة، و آليات تعلم آلي مستمرة.
2. تقييم طلبات القروض:
– يتم توظيف تقنيات مثل التعرف البصري على الأحرف (OCR) ونماذج الاستخراج الدلالي لتحليل الوثائق المالية للعملاء.
– يُحدد النظام قدرة العميل على السداد من خلال ربط البيانات بمراكز المخاطر، مما يزيد من دورة تقييم الجدارة الائتمانية.
3. التربية المالية والتعلم الذكي:
– أطلقت بورصة الدار البيضاء منصة “e-bourse.ma” التي توفر محاكاة للتداول مدعومة بالذكاء الاصطناعي، بهدف تعزيز الثقافة المالية لدى الطلاب والمستثمرين الناشئين.
– تُستخدم المنصة أيضًا في البطولة الوطنية للبورصة، حيث يقدم الذكاء الاصطناعي توجيهات ذكية لتحسين أداء المشاركين.
مستقبل الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي
يرى محمد سعد أن الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل القطاع المالي عبر:
– دمقرطة الخدمات المالية، وجعلها أكثر سهولة.
– تحسين كفاءة العمليات واتخاذ القرارات.
– تحرير الموظفين من المهام الروتينية للتركيز على الأعمال ذات القيمة المضافة.
لكنه يحذر من ضرورة وضع ضوابط حوكمة صارمة، و ضمان جودة البيانات ، و الالتزام بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي لضمان نجاح التحول الرقمي وبناء مستقبل مالي أكثر شمولًا وشفافية.
بهذه الخطوات، يُظهر المغرب التزامه بمواكبة الثورة الرقمية، مما يجعله نموذجًا ناشئًا في مجال التكنولوجيا المالية على مستوى المنطقة.