تأثير الشائعات على الأسواق المالية: من الأمل إلى الخسارة في دقائق

في صباح يوم الاثنين، أشرق الأمل في وجه “دانييل مورجان”، المستثمر المستقل في بورصة وول ستريت، عندما لاحظ عودة اللون الأخضر لشاشة تداول الأسهم بعد أيام من الخسائر القاسية التي منيت بها الأسواق في الأسبوع الماضي.
و كان يتابع تحركات أسعار الأسهم بحذر، لكن تلك اللحظة من التفاؤل تزامنت مع إشعار تلقاه على هاتفه المحمول يفيد بأن “مصدرًا مطلعًا” أكد تأجيل الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” فرض الرسوم الجمركية على الصين. لكن سرعان ما تبددت هذه الآمال.
فقد شهدت أسواق الأسهم الأمريكية في الأيام الماضية خسارة غير مسبوقة بلغت 6.6 تريليون دولار، وهي أكبر خسارة مسجلة لقيمة الأسهم في يومين بسبب تداعيات أزمة الرسوم الجمركية، وفقًا لبيانات داو جونز.
ومع الأخبار الجديدة التي تزامنت مع عودة التفاؤل، ارتفعت الأسهم بشكل سريع، مما دفع “مورجان” إلى ضخ أموال جديدة في السوق.
ومع ذلك، تلاشى هذا التفاؤل سريعًا عندما خرج المتحدث باسم البيت الأبيض لينفي الشائعات، مما أدى إلى موجة بيع عشوائية وخسائر جديدة للمستثمرين.
توضح هذه الحكاية تأثير الشائعات والأخبار غير المؤكدة على الأسواق المالية، حيث يتأثر المستثمرون بشكل كبير في لحظات الغموض والتغيرات المفاجئة.
كما تثير هذه الحوادث تساؤلات حول مدى تأثير الشائعات على تحركات الأسواق، وما إذا كان لها تأثير حقيقي على الاقتصاد وقرارات المستثمرين.
انتشرت شائعة في صباح يوم الاثنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأن الرئيس “دونالد ترامب” يدرس تعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يومًا لجميع الدول باستثناء الصين.
و اعتمدت هذه الشائعة على منشور مجهول المصدر يحمل اسم “والتر بلومبرج”، ما دفع وسائل الإعلام الكبرى مثل سي إن بي سي ووكالة رويترز إلى نشر الخبر بسرعة، مما أدى إلى ارتفاع مؤشرات السوق بشكل كبير.
ومع مرور دقائق قليلة، نفى المتحدث باسم البيت الأبيض الخبر وأكد أن “الرئيس ملتزم بالمواعيد المعلنة للإجراءات الجمركية”.
ومع هذا النفي، تبخرت الأرباح بشكل سريع، وتحولت إلى خسائر، حيث تم فقدان أكثر من 2.5 تريليون دولار من القيمة السوقية للأسهم الأمريكية خلال دقائق معدودة، في حالة من الصدمة والذهول.
هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها في تاريخ الأسواق المالية، حيث شهدت الأسواق في السابق تأثيرات كبيرة جراء الشائعات. في عام 2000، كانت فقاعة “الدوت كوم” قد أوشكت على الانفجار، حيث انتشرت شائعة تفيد بأن شركة “إنتل” ستصدر تحذيرًا بشأن انخفاض أرباحها، مما تسبب في تراجع أسهم شركات التكنولوجيا.
وفي أكتوبر 2008، انتشرت شائعة تفيد بأن “ستيف جوبز” مؤسس شركة آبل تعرض لنوبة قلبية، ما أدى إلى تراجع سهم آبل بشكل حاد.
كما شهدت الأسواق في مايو 2010 “الانهيار اللحظي” الذي تسببت فيه تداولات خوارزمية ضخمة، مما أدى إلى تبخر تريليون دولار من القيمة السوقية للأسهم الأمريكية.
تؤثر الشائعات بسرعة في الأسواق المالية بسبب عدة عوامل تقنية ونفسية. تعتمد العديد من الأسواق على خوارزميات تداول سريعة، والتي تنفذ أوامر البيع والشراء بسرعة كبيرة، مما يجعلها تتفاعل مع الشائعات قبل التأكد من صحتها.
كذلك، يساهم العامل النفسي في اتخاذ قرارات سريعة وغير مدروسة، مثل البيع أو الشراء بسبب الخوف أو الجشع.
الأثر السوقي على سهم تسلا جراء تغريدة ماسك في 2018: |
||
التوقيت |
سعر السهم |
التوصيف |
قبل التغريدة |
342 |
سعر التداول الطبيعي |
بعد التغريدة مباشرة |
380 |
ارتفاع حاد نتيجة الإعلان |
بعد نفي التمويل |
308 |
تراجع كبير بسبب انعدام المصداقية |
تساهم وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير في تسريع انتشار الشائعات. منصات مثل تويتر وفيسبوك تسمح للمعلومات بالوصول إلى ملايين الأشخاص في ثوانٍ، مما يزيد من سرعة انتشار الشائعات ويجعل رد فعل السوق سريعًا.
وهذا يعزز الحاجة إلى تعزيز الوعي الاستثماري وتطوير أدوات رقابية لمواجهة تأثير الشائعات على الأسواق.
تعتبر الشائعات من العوامل المؤثرة بشكل كبير في الأسواق المالية في الوقت الحاضر. هذه الحوادث تبرز أهمية أن يكون المستثمرون حذرين في اتخاذ قراراتهم وأن يعتمدوا على معلومات موثوقة ودقيقة بدلاً من الاندفاع وراء الأخبار غير المؤكدة.