تجاذبات داخل الاتحاد الأوروبي حول الرد على الرسوم الجمركية الأميركية
حذر وزيرا المالية في إيطاليا وإسبانيا من الرد التصعيدي على الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مشيرين إلى الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية التعامل مع الإجراءات الأميركية الأخيرة.
دعا وزير المالية الإيطالي جيانكارلو جيورجيتي إلى التهدئة والابتعاد عن التصعيد، محذرًا من أن التصرفات الانتقامية قد تضر بالجميع، في وقت تتباين فيه مواقف الدول الأوروبية حيال هذه القضية.
من جانبه، أشار وزير المالية الإسباني كارلوس كوربو، الذي يشرف أيضًا على التجارة، إلى أن التصعيد سيؤدي إلى خسارة للجميع، داعيًا إلى حل تفاوضي بدلاً من تعزيز السياسات الحمائية.
وقال جيورجيتي خلال مؤتمر في سيرنوبيو، بالقرب من بحيرة كومو: “علينا أن نتحلى بالهدوء ونقيم الأثر بدقة، وألا ننساق وراء سياسة الرسوم الجمركية الانتقامية التي ستضر بالجميع، وبالأخص بنا نحن”.
وكان هذا التصريح متماشيًا مع مواقف رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، التي اعتبرت أن فرض ترمب للرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي كان “خطأً”، لكنها في الوقت ذاته حذرت من الرد بالمثل على تلك الرسوم نظرًا لتداعياته السلبية على اقتصاد أوروبا.
من جانبه، أكد كوربو في ذات المؤتمر أن الاتحاد الأوروبي لا يزال ملتزمًا بإيجاد حل تفاوضي يحافظ على أكبر علاقة اقتصادية وتجارية في العالم. وأشار إلى أن إعلان البيت الأبيض عن الرسوم الجمركية قد أدى إلى هبوط ملحوظ في أسواق الأسهم، ما يعكس المخاطر الناتجة عن التصعيد التجاري.
إلى جانب ذلك، أبدت بعض القوى الاقتصادية الكبرى في منطقة اليورو، مثل فرنسا وألمانيا، مواقف أكثر تشددًا تجاه الإجراءات الأميركية. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شدد على ضرورة الحل التفاوضي، لكنه لم يستبعد الرد على الرسوم الجمركية عبر استهداف قطاعات أميركية مثل التكنولوجيا والخدمات.
في حين وصف نائب المستشار الألماني روبرت هابيك الرسوم بأنها بمثابة “حرب عدوانية” على أوكرانيا، مشددًا على ضرورة أن يكون الرد متناسبًا مع التهديد.
وفي هذا السياق، شدد المستشار السابق للحكومة الإيطالية فابريزيو باغاني على ضرورة أن يمتلك الاتحاد الأوروبي أدوات مضادة قوية للدفاع عن مصالحه، مشيرًا إلى أن أي مفاوضات يجب أن تنطلق من موقف منظم يضمن القدرة على الرد في حال تصاعد التوترات.
فيما يخص القضايا التجارية الدولية، حذر جيورجيتي من أن الرسوم الجمركية المفروضة على الاتحاد الأوروبي قد تكون بداية لموجة من الإجراءات الأميركية ضد قواعد التجارة الدولية.
كما أشار إلى أن الولايات المتحدة قد تسعى لإعادة فتح النقاش حول فرض ضرائب على الشركات الأميركية في دول أخرى، وهو ما سيشكل تحديًا إضافيًا للاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب.
ختم جيورجيتي حديثه بالتأكيد على أن إيطاليا تواجه تحديات اقتصادية كبيرة، خاصة فيما يتعلق بمستوى الدين العام الذي يتجاوز 130% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار إلى تقرير وكالة “فيتش” الذي أبقى على التصنيف الائتماني لإيطاليا مع نظرة مستقبلية إيجابية، معتبرًا ذلك شهادة على جهود الحكومة في تحسين وضع المالية العامة، رغم الضغوط الاقتصادية الحالية.
