تصاعد الغضب الاجتماعي في البرتغال..آلاف المتظاهرين يطالبون برفع الأجور قبل الانتخابات

شهدت عدة مدن برتغالية يوم السبت تظاهرات واسعة شارك فيها الآلاف، احتجاجاً على تدني الأجور وتدهور الأوضاع المعيشية، في وقتٍ يزداد فيه الغليان الاجتماعي قبل الانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في 18 مايو المقبل.
جاءت الاحتجاجات بدعوة من «الاتحاد العام لعمال البرتغال»، أكبر اتحاد نقابي في البلاد، وامتدت إلى لشبونة وبورتو وكويمبرا، في مشهد جسّد حجم الاستياء الشعبي.
رفع المتظاهرون شعارات تطالب بزيادة الأجور بنسبة لا تقل عن 15%، مع ضمان حد أدنى قدره 150 يورو شهرياً لجميع العمال، في مواجهة موجة غلاء متواصلة وأزمة سكن متفاقمة، زادت من عدد المشردين في شوارع المدن الكبرى.
وقالت سيليا ماتوش، ممرضة في الخمسينيات من عمرها من لشبونة: “السياسات الحالية أوصلتنا إلى حافة الانهيار الاجتماعي. الرسالة واضحة: يجب التغيير، وعلى الحكومة القادمة أن تصغي.”
من جهته، عبّر العسكري المتقاعد فيتور بوتاش عن قلقه من الانزلاق الاجتماعي الحاصل، قائلاً: “الفقر قديم في هذا البلد، لكنه اليوم بات فاقداً للكرامة.”
الاحتجاجات تتزامن مع استعداد الأحزاب البرتغالية لخوض ثالث انتخابات تشريعية في غضون ثلاث سنوات، بعد أن أسقط البرلمان حكومة رئيس الوزراء لويس مونتينيغرو بسبب شبهات فساد وتضارب مصالح.
وبينما تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم طفيف لتحالف اليمين المعتدل، يحتفظ اليمين المتطرف بموقعه كثالث قوة سياسية، ما يعكس استمرار حالة الانقسام الشعبي.
وفي هذا السياق، قال المسؤول النقابي فيليبي بيريرا من مدينة بورتو: “هذه التحركات تدفع بأصوات العمال إلى صلب النقاش السياسي، وعلى المرشحين أخذ مطالب الشارع على محمل الجد.”
بحسب بيانات “يوروستات”، بلغ معدل التضخم السنوي في البرتغال 2.3% في فبراير 2025، بعد سنة من معدلات تضخمية خانقة تجاوزت 8% في بعض فصول 2023.
وبالرغم من رفع الحد الأدنى للأجور إلى 820 يورو شهرياً منذ يناير، فإن متوسط الدخل العام لا يتجاوز 1.300 يورو، وهو ما لا يتناسب مع ارتفاع تكاليف المعيشة، خصوصاً في قطاعات السكن والطاقة والغذاء.
تعيش البرتغال واقعاً اقتصادياً هشاً مقارنة بجيرانها الأوروبيين، حيث يبلغ الحد الأدنى للأجور في إسبانيا أكثر من 1.130 يورو، وفي اليونان 910 يورو.
أما معدل البطالة، فرغم انخفاضه نسبياً إلى 6.5% في أواخر 2024، إلا أن نوعية التوظيف تثير القلق، مع تزايد الوظائف المؤقتة وغياب الضمانات الاجتماعية، لا سيما في قطاعات مثل الصحة والتعليم.
يرى محللون أن الوضع في البرتغال يعكس أزمة أوسع تطال جنوب أوروبا بأكمله، حيث يتقاطع التضخم مع تراجع العدالة الاجتماعية، ما ينذر بمرحلة سياسية أكثر اضطراباً إذا لم تتحقق إصلاحات اقتصادية جذرية.