الأخباراقتصاد المغرب

8.5 مليون مغربي بلا تأمين صحي: ماذا وراء الأرقام؟

بعد مرور عامين على تطبيق نظام التأمين الصحي الإجباري (AMO)، أظهرت الإحصائيات الرسمية تحسناً ملحوظاً في عدة مجالات رئيسية.

فقد ارتفعت أعداد المستفيدين، وزادت الملفات المعالجة، كما تقلصت مدة دراسة الطلبات. ورغم هذه الإنجازات، لا تزال بعض التحديات قائمة، مثل صعوبة وصول بعض الفئات إلى التغطية الصحية، وكذلك مشكلة عدم دفع المساهمات من قبل بعض المسجلين.

في ندوة عقدتها صحيفة “La Vie éco” في الدار البيضاء، استعرض حسن بوبريك، المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، حصيلة التعميم، مشيراً إلى أن نهاية عام 2022 شهدت إدماج فئة العمال غير الأجراء، إضافة إلى انتقال أربعة ملايين مستفيد من نظام “راميد” إلى التأمين الإجباري عن المرض.

ونتيجة لذلك، ارتفع عدد المستفيدين المسجلين في النظام إلى 11 مليون شخص، وهو ما شكل تحدياً كبيراً على المستويات التنظيمية والتشريعية.

وكشف بوبريك أن عدد المسجلين في الصندوق قد تضاعف ثلاث مرات، من 7 إلى 8 ملايين مستفيد إلى 25 مليون شخص يشملون ذوي الحقوق.

كما شهدت عدد الملفات المعالجة يومياً زيادة كبيرة، حيث انتقل من 22 ألف ملف يومياً في عامي 2021 و2022 إلى 110 آلاف ملف يومياً في نهاية 2023.

ورغم هذه النتائج الإيجابية، لا يزال هناك 8.5 مليون شخص غير مشمولين بالتأمين الإجباري عن المرض. وأوضح بوبريك أن هذا يعود إلى عدم تسجيل هؤلاء الأفراد في النظام أو بسبب إغلاق حقوقهم بسبب عدم دفع الاشتراكات.

وأكد أن الاستفادة من التأمين الصحي مشروطة بتسديد المساهمات، مضيفاً أن الدولة تتدخل لتغطية تكاليف بعض المواطنين الذين يواجهون صعوبات في دفع المساهمات، وفقاً لمؤشر الاستهداف الاجتماعي المعتمد في السجل الاجتماعي الموحد.

وأشار بوبريك إلى أن التغطية الصحية تتوفر بتكلفة منخفضة، تتراوح بين 160 و200 درهم شهرياً للفئات مثل الفلاحين، وأن العديد من الإجراءات باتت رقمية وسهلة الوصول، مع تقليص مدة معالجة التعويضات إلى ما بين 8 و9 أيام فقط.

من جانبه، أكد عبد الكريم مزيان بلفقيه، الكاتب العام لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، أن توسيع الحماية الاجتماعية يعد جزءاً من مشروع وطني يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية.

هذا المشروع يعتمد على أربعة محاور رئيسية: تعميم التأمين الصحي، توسيع الاستفادة من التعويضات العائلية لنحو 7 ملايين طفل، تقديم تعويضات عن فقدان الشغل، وإصلاح نظام التقاعد.

وشدد بلفقيه على أن تطوير النظام الصحي يتطلب أيضاً مساهمة القطاع الخاص، وهو ما دفع إلى إجراء إصلاحات هيكلية لتوسيع العرض الصحي في القطاعين العام والخاص، وتعزيز الحوكمة عبر مؤسسات جديدة، إضافة إلى تسريع رقمنة القطاع.

فيما يتعلق بتأثير التعميم على الخدمات الطبية، أكد رشدي طالب، الرئيس التنفيذي لمجموعة “أكديطال”، أن التعميم فرض ضرورة تطوير البنية الصحية لضمان وصول سكان المناطق النائية إلى خدمات علاجية مماثلة لتلك المتوفرة في المدن الكبرى.

وفي القطاع العام، اعترف رؤوف محسين، مدير المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط، بزيادة الضغط على المستشفيات، مشدداً على ضرورة إعطاء الأولوية للحالات المستعجلة والمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة.

أما في القطاع الخاص، فقد أكد ياسر السفياني، أستاذ الطب ومدير إحدى العيادات، أن بعض التخصصات، مثل أمراض القلب، استفادت من التعميم لتعويض النقص الحاصل في المستشفيات العمومية، لكنه حذر من توجه المرضى نحو القطاع الخاص حتى في الحالات التي يمكن علاجها ضمن المستشفيات العمومية.

رغم المكاسب المحققة، فإن تعميم التأمين الصحي الإجباري في المغرب لا يزال يواجه تحديات مستمرة. ومع ذلك، يظل المشروع استراتيجياً ويتطلب متابعة دقيقة وإصلاحات مستمرة لضمان توفير تغطية صحية عادلة وفعّالة لجميع المواطنين.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى