تراجع الليرة التركية مقابل الدولار وسط سياسات نقدية حذرة للبنك المركزي

تراجعت الليرة التركية بشكل ملحوظ مقابل الدولار الأمريكي خلال تعاملات اليوم الجمعة، وهو ما يأتي بعد أيام من تصريحات محافظ البنك المركزي التركي بشأن أسعار الفائدة.
أكد البنك المركزي التركي مجددًا التزامه باتباع نهج حذر في خفض أسعار الفائدة، مع إشارته إلى استعداده لاتخاذ إجراءات لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية التي تساهم في زيادة حالة عدم اليقين في الأسواق.
في حديثه خلال فعالية استضافها كل من صندوق النقد الدولي والمملكة العربية السعودية في مطلع هذا الأسبوع، أوضح محافظ البنك المركزي التركي، فاتح كاراهان، أن السياسة النقدية الحالية تعتمد على تخفيض الفائدة بوتيرة “تدريجية للغاية”.
وأضاف: “إن نجاح البنك يعتمد على المصداقية، التي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال اتخاذ إجراءات ملموسة. لا يمكننا الاعتماد فقط على التصريحات، لذلك يبقى الحذر أساسًا في نهجنا”.
شهدت الليرة التركية انخفاضًا بنحو 15% في قيمتها خلال العام الماضي، لتصل اليوم إلى مستوى قياسي بلغ 36.42 ليرة مقابل الدولار، بعدما تراجعت بحوالي 0.6% خلال تعاملات اليوم.
ومع ذلك، كان هذا التراجع أقل حدة مقارنة بمعدل التضخم السنوي الذي بلغ 41% في يناير، ويرجع ذلك جزئيًا إلى قرارات البنك المركزي برفع أسعار الفائدة بشكل حاد، مما جعل تركيا وجهة جاذبة لتجارة الفائدة عالميًا.
أما اليورو، فقد ارتفع بنسبة 0.2% خلال التداولات اليومية، ليبلغ سعر الصرف 38.13 ليرة، بينما ارتفع سعر غرام الذهب في السوق التركية بنسبة 0.05% ليصل إلى حوالي 3,430 ليرة.
صرح وزير المالية التركي، محمد شيمشك، مطلع الشهر الحالي بأن الليرة ستواصل تحقيق مكاسب على مستوى القيمة الحقيقية، مشددًا على أن السيطرة على التضخم تبقى “الأولوية القصوى” للحكومة.
وأضاف: “إذا حقق البرنامج الاقتصادي أهدافه، فمن المتوقع استمرار ارتفاع سعر الصرف الحقيقي”، مشيرًا إلى أن الحكومة والبنك المركزي يتبنيان نهجًا أكثر تقليدية في السياسة النقدية والمالية.
وأكد شيمشك أن مكافحة التضخم تظل “العامل الأساسي”، داعيًا البنك المركزي إلى مواصلة تشديد القيود على القروض الشخصية للحد من الاستهلاك، الذي يعد من العوامل الرئيسية التي تؤثر في التضخم وعجز الحساب الجاري.
منذ منتصف عام 2023، وتحت تأثير إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان، بدأ البنك المركزي التركي في تعديل توجهاته النقدية، حيث قرر رفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 50% بعد التخلي عن سياسة التيسير النقدي. وقد ساعد هذا التحول في تباطؤ التضخم، الذي بلغ 75% في مايو 2023.
لكن رغم هذه الإجراءات، تباطأ معدل التضخم في يناير بوتيرة أقل من المتوقع، وشهد التضخم الشهري قفزة ملحوظة. ومع ذلك، تظل التوقعات بين المستثمرين تشير إلى أن البنك المركزي سيواصل خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المتبقية من العام.