لقجع: الاقتصاد غير المهيكل يشكل عائقاً أمام تحقيق التنمية المستدامة في المغرب

في خضم نقاش وطني حول تعزيز التنمية والارتقاء بالاقتصاد المغربي، أطلق فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، تحذيراً صريحاً من التكاليف الباهظة التي يتكبدها المغرب بسبب القطاع غير المهيكل.
وأكد أن هذه الظاهرة ليست مجرد تحدٍ اقتصادي، بل عائق حقيقي أمام تقدم الدولة وتطور المجتمع.
في لقاء نظمه المجلس العلمي الأعلى بالرباط، تحدث لقجع بشفافية عن واقع التنمية في المغرب، مشدداً على أن الهدف الأساسي لكل السياسات العمومية هو تحسين معيشة المواطنين وضمان كرامتهم.
و اعتبر أن مكانة المغرب بين الأمم لا يمكن أن تتحقق دون معالجة الاختلالات العميقة التي يفرضها الاقتصاد غير المهيكل.
وأوضح لقجع أن التنمية البشرية يجب أن تكون في صميم المشروع الوطني، فهي ليست مجرد مخططات تقنية أو شعارات مرحلية، بل عملية معقدة تتطلب تضافر جهود الدولة والمجتمع، وتعتمد على بناء الإنسان قبل كل شيء.
ولفت إلى أن هذا المسار التنموي ليس ثابتاً أو ذا صيغة واحدة، بل يتغير بتغير السياقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، معتبراً أن كل نموذج تنموي يعكس القيم والسلوكيات السائدة في المجتمع الذي ينشأ فيه.
في هذا السياق، شدد لقجع على أن الاقتصاد الموازي يمثل أحد أبرز التحديات التي تواجه الدولة، ليس فقط لأنه يفرّ من رقابة النظام الضريبي ويقوض العدالة الاقتصادية، بل لأنه يُحدث خللاً عميقاً في بنية التنمية الشاملة.
وأوضح أن هذه الظاهرة لا تتعلق فقط بغياب التصريح الضريبي أو تهرب بعض الأنشطة من المراقبة، بل ترتبط بثقافة اقتصادية غير رسمية تشكل عائقاً أمام جهود الدولة لتنظيم السوق وضمان تكافؤ الفرص بين جميع الفاعلين الاقتصاديين.
وأضاف أن تكلفة هذا الاقتصاد غير المهيكل ليست مالية فحسب، بل هي تكلفة تنموية تمس كل القطاعات الحيوية، من التعليم والصحة إلى البنية التحتية والخدمات العمومية، مما يحرم المواطن من الاستفادة الكاملة من ثمار النمو الاقتصادي.
وأشار لقجع إلى أن معالجة هذه الإشكالية تتطلب استراتيجية متعددة الأبعاد، تقوم على تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الاندماج في الاقتصاد الرسمي، وتطوير الإطار القانوني والمؤسساتي لضمان فعالية الرقابة والمحاسبة، إلى جانب تحفيز المبادرات المقاولاتية الصغيرة والمتوسطة للانتقال إلى القطاع المنظم.
كما دعا إلى ضرورة إشراك جميع مكونات المجتمع، بما في ذلك المؤسسات الدينية والعلمية، لتأصيل قيم المواطنة الصالحة وربط السلوك الاقتصادي بالبعد الأخلاقي والديني.
وفي هذا الإطار، استحضر لقجع دور المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقها الملك محمد السادس، باعتبارها نموذجاً رائداً لترسيخ العدالة الاجتماعية وتحقيق التنمية المستدامة.
ورغم النجاحات التي تحققت على مدى أكثر من عقدين من الزمن، أقر الوزير بوجود تحديات كبيرة تتطلب مضاعفة الجهود وتعبئة المزيد من الموارد لضمان استدامة هذه البرامج وتعزيز تأثيرها على حياة المواطنين.
وأكد أن الطموح كبير لتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية وتطوير مشاريع تنموية أكثر شمولية، لكن ذلك لن يتحقق إلا بتكامل الأدوار بين الدولة والمجتمع، وبمحاربة كل مظاهر الفساد والغش التي تنخر الاقتصاد وتعرقل التنمية.