إيرباص وطموحات الطيران الهيدروجيني: هل ستتمكن من التغلب على التحديات؟
![إيرباص وطموحات الطيران الهيدروجيني: هل ستتمكن من التغلب على التحديات؟ 1 fOUlm3YfmKUxDKaBOzOR07nx3FSn3DAgSLz9 yfVUTo Detafour](https://detafour.com/wp-content/uploads/2025/02/fOUlm3YfmKUxDKaBOzOR07nx3FSn3DAgSLz9-yfVUTo.webp)
بعد سنوات من السعي لتحقيق حلم صناعة أول طائرة تعمل بالهيدروجين، تجد إيرباص نفسها اليوم أمام مجموعة من التحديات التي تعيق تقدمها في هذا المجال، رغم التزامها بتقليص انبعاثات الكربون في قطاع الطيران.
فقد اعترفت الشركة بأن العمل على تطوير طائرات الهيدروجين يسير بوتيرة أبطأ من المتوقع، وسط عقبات متعلقة بالبنية التحتية، وتكاليف الإنتاج، وصعوبة الحصول على إمدادات من الوقود النظيف.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستتمكن إيرباص من تجاوز هذه العقبات؟ أم أن الطيران المستدام سيتطلب حلولًا تكنولوجية أخرى؟
في إعلان رسمي يوم الجمعة، اعترفت إيرباص بأن تقدمها في مشروع الطائرات الهيدروجينية أبطأ من المتوقع، لكنها أكدت في الوقت ذاته أن استراتيجيتها بشأن إزالة الكربون من قطاع الطيران لم تتغير.
وكانت إيرباص قد وضعت هدفًا يتمثل في تطوير طائرة خالية من الانبعاثات خلال عشر سنوات، ضمن مساعي قطاع الطيران التجاري للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن.
وبالرغم من عدم تحديد موعد جديد لتحقيق هذا الهدف، أفادت تقارير من اتحاد العمال الفرنسي (FO) بأن إيرباص أرجأت الجدول الزمني لتطوير طائرات الهيدروجين لمدة تتراوح بين خمس وعشر سنوات، في حين خفضت ميزانية المشروع بنسبة 25% وأعلنت عن إعادة تقييم استراتيجيتها.
رغم ذلك، نفى متحدث باسم الشركة أي تغيير في استراتيجيتها، مؤكداً أن طموحها في تقليص الانبعاثات لم يتغير، وأن الشركة ستواصل تعديل مشاريعها الخاصة بالهيدروجين استنادًا إلى تطور التكنولوجيا.
في شتنبر 2020، كشفت إيرباص عن ثلاثة نماذج أولية من طائرات الهيدروجين تحت اسم ZEROe، مما جعلها تتفوق على باقي الشركات في قطاع الطيران، التي ركزت بشكل أكبر على تطوير الوقود المستدام أو الطائرات الكهربائية للرحلات القصيرة.
رغم ذلك، تظل تكنولوجيا الهيدروجين تواجه تحديات هائلة. فبينما لا تنتج محركات الهيدروجين انبعاثات غازات دفيئة حيث يقتصر احتراقه على إنتاج الماء، إلا أن عملية إنتاج الهيدروجين النظيف تظل باهظة الثمن ومعقدة.
في الوقت الحالي، يُنتج معظم الهيدروجين من الغاز الطبيعي أو الفحم، مما يؤدي إلى انبعاثات كربونية، بينما يتم إنتاجه بأسلوب نظيف عبر التحليل الكهربائي باستخدام الطاقة المتجددة، وهي عملية باهظة التكلفة.
كما أن تخزين ونقل الهيدروجين يمثل تحدياً آخر، حيث يجب تبريده إلى درجة حرارة منخفضة جدًا (-253 درجة مئوية) ليصبح سائلاً، وهو ما يتطلب تقنيات معقدة. بالإضافة إلى ذلك، يشغل الهيدروجين مساحة أكبر بأربع مرات من وقود الطائرات التقليدي، مما يجعل استخدامه أمرًا صعبًا من الناحية العملية.
في عام 2022، أعلنت إيرباص عن خطط لإجراء رحلة تجريبية باستخدام طائرة A380 في عام 2025، تعمل بمحرك إضافي يعتمد على الهيدروجين لاختبار آلية تخزينه واحتراقه. ومع ذلك، أفادت نقابة العمال FO بإلغاء هذا المشروع.
من جانب آخر، ترى الرابطة الدولية للنقل الجوي (IATA) أن تقليل انبعاثات قطاع الطيران في المستقبل سيعتمد بالأساس على الوقود المستدام (SAF)، قبل أن تلعب التقنيات الثورية مثل الهيدروجين دورًا ملموسًا.
وفي هذا السياق، أكدت إيرباص أن الهيدروجين قد يصبح عنصراً أساسيًا في الطيران بحلول النصف الثاني من القرن، لكنه سيظل مكملًا للوقود المستدام الذي سيبقى ضروريًا للرحلات متوسطة وطويلة المدى، لضمان الوصول إلى هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
بينما تمثل الطائرات الهيدروجينية جزءًا من المستقبل الواعد للطيران المستدام، فإن التحديات التي تواجه هذه التكنولوجيا من حيث الإنتاج والتخزين والنقل قد تؤخر من تحقيق هذه الرؤية.
في الوقت الراهن، يظل الوقود المستدام الحل الأقرب لتحقيق الحياد الكربوني في القطاع، بينما تواصل إيرباص سعيها لتطوير تكنولوجيا الهيدروجين بما يتماشى مع التطورات التكنولوجية المستقبلية.