75% من المقاولات الصغرى تفشل.. هل يعيد المغرب النظر في سياسات الدعم؟

تتصاعد المخاوف حول وضعية المقاولات الصغرى في المغرب، التي تشكل أكثر من 90% من النسيج الاقتصادي الوطني، حيث تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن 75% منها تفشل في الاستمرار لأكثر من ثلاث سنوات بعد التأسيس.
هذه الأرقام تدق ناقوس الخطر وتسلط الضوء على هشاشة هذا القطاع الحيوي، الذي يُعد ركيزة أساسية للتشغيل والتنمية الاقتصادية.
جاءت هذه التحذيرات خلال يوم دراسي نظمه الفريق الاشتراكي بمجلس النواب بالتعاون مع الهيئة المغربية للمقاولات، يوم الأربعاء 18 يونيو 2025، تحت عنوان “واقع المقاولة الصغرى ورهانات التطوير”.
خلال هذا اللقاء، تم تحليل أسباب الإخفاقات التي تواجه هذه المقاولات، وتحديد العقبات التي تحول دون نموها واستدامتها.
وأكد المشاركون على ضرورة إجراء إصلاحات جذرية في منظومة التمويل والدعم، مع تبسيط إجراءات الحصول على العقارات والصفقات العمومية، والتقليل من الأعباء الإدارية والضريبية التي تعيق استفادة المقاولات الصغيرة من الحوافز الحكومية.
كما تم التركيز على التحديات الكبرى التي تواجه هذه المقاولات، أبرزها صعوبة الولوج إلى التمويل، وغياب برامج التكوين والمواكبة، والمنافسة غير العادلة من القطاع غير المهيكل، إلى جانب هيمنة الشركات الكبرى على السوق والموارد الدعم.
وحذر عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، من الفجوة بين القوانين المعمول بها والواقع الميداني للمقاولات الصغرى، مشيراً إلى أن أكثر من 33 ألف مقاولة أفلست في عام 2023، ما يعكس تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بهذا القطاع.
بدوره، أكد رشيد الورديغي، رئيس الهيئة المغربية للمقاولات الصغرى، أن هذه المقاولات رغم مساهمتها المتواضعة في الناتج المحلي (حوالي 3%)، تشكل دعامة أساسية لسوق الشغل، حيث توفر حوالي 75% من فرص الشغل المصرح بها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وأشار إلى أن فشل ثلاثة أرباع هذه الشركات في الاستمرار بعد ثلاث سنوات يتطلب تدخلاً عاجلاً من الدولة والقطاع المالي لضمان بقائها واستمرار دورها الاقتصادي والاجتماعي.
من جانبه، لفت النائب عبد القادر بن الطاهر إلى أن شروط ميثاق الاستثمار الحالية، التي تفرض حد أدنى للرقم السنوي للأعمال يبلغ مليون درهم للاستفادة من الدعم، تستبعد غالبية المقاولات الصغرى، خاصة في المناطق الهشة، مما يزيد من هشاشة هذا القطاع.
واتفق الجميع على أن 56% من الدعم العمومي يذهب إلى الشركات الكبرى، مقابل أقل من 15% فقط للمقاولات الصغيرة، مطالبين بتعديل هذه النسبة وتمكين الشركات الصغيرة من فرص متساوية في التمويل، المواكبة، والولوج إلى الصفقات العمومية.
وشهد اليوم الدراسي مشاركة واسعة من مسؤولين حكوميين، برلمانيين، رواد أعمال، وممثلي جمعيات مهنية، بالإضافة إلى نساء وشباب مقاولين من مختلف جهات المغرب، ليختتم بتوصيات قوية تدعو إلى إصلاح شامل ومستعجل لإنقاذ المقاولات الصغرى ومنحها فرصة حقيقية للنمو والاندماج الفعّال في الاقتصاد الوطني، وضمان استقرار آلاف الأسر المغربية.