56% من المغاربة يجرّبون الشراء بتوصية المؤثرين: كيف أصبح التسويق الرقمي الأقوى؟

يشهد التسويق عبر المؤثرين في المغرب نمواً سريعاً خلال السنوات الأخيرة، وهو أمر لم يحدث بمحض الصدفة.
فبفضل التقاء الرقمية والثقافة المحلية والثقة الاجتماعية، أصبح هذا النوع من التسويق وسيلة فعالة للشركات الراغبة في الوصول إلى جمهور متفاعل ومتصل.
سواء كان الهدف زيادة الوعي بالعلامة التجارية، تعزيز المبيعات أو تحسين الصورة الذهنية للشركة، أصبح التسويق عبر المؤثرين أداة استراتيجية أساسية في ترسانة الشركات الطموحة.
ويعرف هذا التسويق بأنه استراتيجية تواصل تقوم على التعاون مع شخصيات مؤثرة وموثوقة في مجالاتها وتمتلك مجتمعاً متفاعلاً من المتابعين للترويج للمنتجات أو الخدمات أو العلامة التجارية.
وعلى عكس الإعلانات التقليدية، يعتمد التسويق عبر المؤثرين على المصداقية والاقتراب الشخصي، حيث يصبح المؤثر سفيراً يشارك خبرته أو رأيه مع جمهوره، مستفيداً من الثقة التي بناها عبر الزمن، وهو ما يمنح هذه الاستراتيجية إحساساً بالواقعية والطابع الإنساني في عالم مليء بالإعلانات التقليدية.
ويتصدر التسويق عبر المؤثرين المشهد في المغرب بفضل عوامل رقمية واجتماعية عدة. فقد ساهمت الرقمنة المتسارعة مع أكثر من 26 مليون مستخدم للإنترنت في جعل وسائل التواصل الاجتماعي مركزاً لتشكيل الآراء واتخاذ قرارات الشراء، فيما يشكل الشباب المتصل جداً الذي يمثل أكثر من 60% من المغاربة دون سن 35 عاماً، عاملاً أساسياً في انتشار هذه الظاهرة، إذ يقضي هؤلاء الشباب ما معدله ثلاث ساعات يومياً على منصات مثل إنستغرام وتيك توك ويوتيوب.

كما تلعب الثقة الجماعية دوراً مهماً، حيث تُعد التوصيات من الأصدقاء أو عبر شخصيات مؤثرة أكثر مصداقية من الرسائل التسويقية التقليدية، بالإضافة إلى ظهور المواهب المحلية التي تعمل على احتراف هذا المجال في مجالات متنوعة مثل الطعام والجمال والسفر والرياضة والتكنولوجيا، لتصبح منظومة متكاملة من المؤثرين المحترفين.
وتعكس الأرقام مدى الصعود الكبير للتسويق عبر المؤثرين، ففي المستوى العالمي تُقدر قيمة السوق بأكثر من 21.1 مليار دولار في عام 2025، بزيادة عشرين مرة مقارنة بعام 2016، فيما يعتمد 93% من المسوقين على هذا النوع ضمن استراتيجياتهم.
أما في المغرب، فقد أظهرت الدراسات أن 56% من مستخدمي الإنترنت قاموا بشراء منتجات بناءً على توصية مؤثر، وتتصدر منصة تيك توك الاستخدام بين الشباب من 15 إلى 24 سنة، تليها إنستغرام ويوتيوب، كما يثبت المؤثرون الصغار فعاليتهم بنسبة تفاعل أعلى بمعدل 60% مقارنة بالمؤثرين الكبار، مع تكلفة أقل ونتائج ملموسة.
ومن مزايا هذا النوع من التسويق الاستهداف الدقيق للجمهور، وزيادة الثقة بين العلامة التجارية والمتابعين، وإنتاج محتوى مبتكر ومتوافق مع المنصة، وتحقيق عائد استثماري أعلى يصل أحياناً إلى 11 ضعفاً مقارنة بالإعلانات التقليدية، فضلاً عن تنوع الأشكال ما بين قصص وفيديوهات وبث مباشر وبودكاست، ما يمنح المرونة اللازمة للتواصل مع الجمهور بشكل متكامل.
ورغم الفوائد الكبيرة للتسويق عبر المؤثرين، إلا أنه يواجه تحديات مثل صعوبة قياس الأداء بدون منهجية واضحة، ومخاطر اختيار مؤثر غير متوافق مع قيم العلامة التجارية، إلى جانب تكاليف متفاوتة لبعض المؤثرين وعدم الإفصاح عن المحتوى المدعوم، ما قد يؤدي إلى فقدان الثقة لدى الجمهور.
ولذلك، تتطلب استراتيجية فعالة تحديد الأهداف بوضوح، ومعرفة جمهورك بدقة من حيث العمر والعادات الرقمية والاهتمامات والموقع الجغرافي، واختيار المؤثرين المناسبين مع التركيز على التوافق مع العلامة التجارية والتفاعل الحقيقي والمصداقية، إضافة إلى تصميم الرسالة بالتعاون مع المؤثر لضمان وصولها بشكل طبيعي، ومتابعة الأداء وتحليل النتائج باستخدام أدوات التتبع والبيانات.
ويتم تصنيف المؤثرين في المغرب إلى أربع فئات، تبدأ بـNano-influencers الذين يقل عدد متابعيهم عن 10 آلاف ويتميزون بالأصالة والقرب من جمهورهم، مروراً بـMicro-influencers الذين يمتلكون بين 10 و100 ألف متابع ويحققون توازناً مثالياً بين التفاعل والوصول، وMacro-influencers بين 100 و500 ألف متابع يتمتعون بالوصول الواسع والخبرة، وصولاً إلى Mega-influencers الذين يزيد عدد متابعيهم عن 500 ألف غالباً من المشاهير، ويقدمون تأثيراً واسعاً بتكلفة مرتفعة.
ولضمان نجاح الحملات، تستخدم الشركات منصات مثل Kolsquare، Influence4You، Hivency وUpfluence لإدارة وتتبع التعاون مع المؤثرين.




