الديون الأمريكية تتجاوز 38 تريليون دولار وسط تحذيرات من أزمة مالية محتملة

واصل الدين العام الأمريكي ارتفاعه بشكل غير مسبوق، حيث تجاوز 38 تريليون دولار للمرة الأولى في التاريخ، في مشهد يوضح هشاشة الوضع المالي للولايات المتحدة وسط تحذيرات من استمرار تصاعد الديون خلال السنوات المقبلة.
يُظهر التاريخ تسارعًا ملحوظًا في وتيرة الدين الحكومي: فقد بلغ تريليون دولار في عام 1982، واستغرق 26 عامًا للوصول إلى 10 تريليونات دولار، في حين من المتوقع أن تنتقل الولايات المتحدة من 30 تريليون دولار في 2022 إلى 40 تريليون دولار بحلول 2027، وفقًا لتوقعات مكتب الميزانية في الكونغرس.
وتشير بيانات وزارة الخزانة الأمريكية إلى أن الدين ارتفع بمقدار تريليون دولار خلال شهرين فقط بعد أن تجاوز 37 تريليون دولار في أغسطس، بما يعادل تراكم 4.8 مليون دولار في الدقيقة و6.9 مليار دولار يوميًا.
القلق الأكبر لا يكمن في حجم الدين وحده، بل في تكلفة خدمته. فقد بلغت مدفوعات الفائدة للسنة المالية 2025 نحو 1.21 تريليون دولار، أي نحو 17% من إجمالي الإنفاق الفيدرالي، ما يشكل ضغطًا متزايدًا على الميزانية العامة.

وصف مايكل بيترسون، الرئيس التنفيذي لمؤسسة “Peter G. Peterson”، وتيرة الاقتراض الحالية بأنها الأسرع منذ عام 2000، محذرًا من أن إدارة الأزمات أصبحت أسلوبًا متكررًا بدل التخطيط المالي.
يتزامن ارتفاع الدين مع إغلاق حكومي أدى إلى تعطيل المؤسسات وتجميد رواتب مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين، ما يزيد من الضغوط المالية ويؤجل اتخاذ القرارات الاقتصادية الضرورية.
ساهمت السياسات المالية في تفاقم الدين، حيث ارتفعت النفقات الفيدرالية بنسبة 60% منذ عام 2019، بينما زادت مدفوعات الفائدة بنسبة 158%، لتستحوذ الآن على نحو خُمس الإيرادات الحكومية.
وصفت مايا ماكجينيس، رئيسة لجنة الميزانية الفيدرالية، وصول الدين إلى 38 تريليون دولار بأنه “أمر مروع”، مشيرة إلى أن العداد يستمر في الارتفاع ومن المتوقع تجاوز هذا الرقم خلال أشهر قليلة بسبب وتيرة الاقتراض السريعة.
يتوقع مكتب الميزانية في الكونجرس أن يضيف قانون الضرائب والإنفاق الذي أقر في يوليو نحو 3.4 تريليون دولار إلى الدين بحلول 2034، بينما يؤكد البيت الأبيض أن الإيرادات من الرسوم الجمركية ستساعد في موازنة الحسابات.
تشير البيانات إلى أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ حاليًا نحو 125%، ومن المتوقع أن تصل إلى 156% بحلول 2055، ما يعكس مسارًا ماليًا قد يهدد الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.
وحذر ديفيد كيلي، كبير الاستراتيجيين في بنك “جيه بي مورجان”، من أن السياسات الحالية لا تقود الولايات المتحدة نحو التعافي المالي، بل تنذر بانزلاق تدريجي نحو الإفلاس البطيء.




