اقتصاد المغربالأخبار

19 مليار درهم أرباح المصحات الخاصة في عام واحد.. والعلاج يرتفع 6 أضعاف

اتهم عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، حكومة عزيز أخنوش بالعجز عن تنفيذ وعودها المتعلقة بإصلاح المنظومة الصحية، محذراً من تداعيات هذا “الفشل المتواصل” على كرامة المواطنين واستقرار ورش الحماية الاجتماعية.

وفي ندوة صحفية عقدها الحزب يوم الجمعة 4 يوليوز 2025 بالرباط، سلّط بووانو الضوء على ما وصفه بتراكم الأعطاب البنيوية داخل القطاع الصحي، مبرزاً أن الحكومة لم تتمكن من استكمال مشاريع حيوية مثل بناء وتجهيز المستشفيات الجامعية، أو تأمين عدد كافٍ من سيارات الإسعاف، مشيراً إلى وجود اختلالات وصفقات مشبوهة في هذا الصدد.

كما انتقد غياب التقدم في مشاريع محورية، منها الطب عن بُعد، وتعميم طبيب الأسرة، إلى جانب تعثر إطلاق البطاقة الطبية الذكية، التي كان يفترض أن تُعمم قبل نهاية سنة 2024.

وفي حديثه عن التغطية الصحية الشاملة، أكد بووانو أنها تواجه تحديات خطيرة، أبرزها إقصاء فئات واسعة من المستفيدين، وتراجع أداء القطاع العام أمام تنامي نفوذ المصحات الخاصة، التي تستحوذ اليوم على النصيب الأكبر من الاعتمادات الصحية، حيث بلغت استفادتها 19 مليار درهم من أصل 23 ملياراً خصصت للقطاع، في وقت لا تتجاوز فيه نسبة إشغال الأسرة بالمستشفيات العمومية 40%.

كما أبرز النقص الحاد في الموارد البشرية، مسجلاً أن المعدل الحالي لطبيب واحد لكل 1255 نسمة يبتعد كثيراً عن المعيار الدولي الموصى به (طبيب لكل 600 نسمة). الوضع نفسه ينطبق على الأطر شبه الطبية، حيث لا يتجاوز معدل التغطية فرداً لكل 969 مواطناً.

وفي ما يتعلق بالسياسة الدوائية، نبه بووانو إلى استمرار الاعتماد الكبير على الاستيراد، الذي بلغ 47% من الأدوية المتوفرة، مع ارتفاع فاتورة الواردات من 6.9 مليار درهم سنة 2019 إلى 9.1 مليار سنة 2023.

كما أشار إلى المفارقة في كون أغلى الأدوية تكلفة على صناديق التأمين ليست بالضرورة الأدوية الأكثر استخداماً أو فعالية، بل تلك ذات الأسعار المرتفعة، مع تسجيل فروقات صادمة بين أسعار الدواء في المغرب ودول أوروبية مثل فرنسا وبلجيكا، حيث تتجاوزها بثلاث إلى أربع مرات.

ولم تغب عن مداخلته الإشارة إلى شبهات فساد وريْع داخل القطاع، من خلال إلغاء صفقات قانونية لصالح شركات جهوية مقربة، ووجود خروقات مالية وإدارية في تدبير عدد من العمليات التعاقدية المتعلقة بالخدمات الموازية كالحراسة والنظافة.

أما في ما يخص ورش الحماية الاجتماعية، فقد تحدث بووانو عن “تأخر مقلق” في تنفيذ الالتزامات الحكومية، خصوصاً تلك المرتبطة بتعميم التعويض عن فقدان الشغل والتقاعد لفائدة نحو 5 ملايين مواطن، إلى جانب سحب التغطية الصحية من الطلبة ومن أولياء أمورهم، رغم ما يمثله ذلك من تراجع واضح في المكتسبات.

وانتقد أيضاً ما وصفه بـ”التمويل العشوائي بالقروض”، مشيراً إلى اعتماد الحكومة على قروض متتالية من مؤسسات دولية، بينها البنك الدولي، والوكالة اليابانية، والبنك الإفريقي للتنمية، ما يشكل عبئاً إضافياً على المالية العمومية ويطرح تساؤلات حول الاستدامة.

وفي ختام مداخلته، استند بووانو إلى معطيات صادرة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي، تؤكد أن ما بين 57% و97% من نفقات التأمين الصحي الإجباري تُوجَّه نحو القطاع الخاص، حيث تُسجَّل كلفة الملف الطبي في المصحات الخاصة أعلى بـ5 إلى 6 مرات من نظيرتها في المستشفيات العمومية، ما يشكل تهديداً لبقاء النظام الصحي على أسس متوازنة وقابلة للاستمرار.

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى