
يواصل الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» شن هجومه على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي «جيروم باول»، معارضًا بقوة قراراته بشأن تثبيت سعر الفائدة في نطاق 4.25% إلى 4.5%.
وفي شهادته المقررة أمام الكونجرس خلال اليومين المقبلين، سيكون «باول» أمام فرصة لشرح أسباب رفضه تخفيض الفائدة رغم الضغوط المتزايدة.
يُذكر أن ترامب وجه انتقادات لاذعة ومتكررة لـ«باول»، واصفًا إياه بـ«الأحمق» بسبب تمسكه بسياسة الفائدة المرتفعة، داعيًا الكونجرس إلى الضغط عليه لتغيير المسار، ومشيرًا إلى أن البنوك المركزية الكبرى الأخرى خفضت أسعار الفائدة، وأن التخفيض سيساعد الاقتصاد الأمريكي.
حتى وسط التوترات الجيوسياسية التي أثرت على المنطقة إثر الصراع بين إسرائيل وإيران، لم يتراجع ترامب عن موقفه، مؤكّدًا استمرار حملته على سياسة «باول» في تصريحات صباح الثلاثاء.
رد «باول» بشكل غير مباشر خلال اجتماعات البنك المركزي الأخيرة بأنه لم يتخذ قرارًا بخفض الفائدة بسبب حالة عدم اليقين الاقتصادي التي تسببت بها السياسات التجارية لإدارة ترامب، خاصة الرسوم الجمركية، محذرًا من احتمال ارتفاع التضخم وتدهور سوق العمل.
وفي اجتماعه الأخير، تمسك الاحتياطي الفيدرالي بسياسة الانتظار، مشددًا على ضرورة توافر بيانات واضحة قبل إجراء أي تخفيض في أسعار الفائدة، معتبراً أن خفض الفائدة قبل تحقق الاستقرار في التضخم سيعرض مهمته للخطر. وأكد أن انخفاض الثقة مرتبط بشكل مباشر بإزالة الرسوم الجمركية.
في المقابل، تشير المعطيات إلى أن توقعات التضخم لا تزال مرتفعة نسبياً عند نحو 2.35%، وهو مستوى لم يتغير كثيرًا منذ نهاية العام الماضي، ما يُخالف توقعات ترامب بأن الفائدة المرتفعة قد لا تكون ضرورية.
آراء متباينة .. انقسام بين أعضاء الفيدرالي حول مسار الفائدة |
||
المسؤول |
|
رؤيته |
“ميشيل بومان” نائبة رئيس الفيدرالي للرقابة المصرفية
|
|
أشارت في خطاب هذا الأسبوع إلى قلقها بشأن مخاطر ضعف التوظيف أكثر من قلقها من ارتفاع التضخم، في تحول جوهري من تركيزها بصورة كبيرة في السابق على مخاطر ارتفاع الأسعار. |
كريستوفر والر” عضو مجلس محافظي الفيدرالي
|
|
صرح في مقابلة مع “سي إن بي سي” نهاية الأسبوع الماضي أنه قد يدعم خفض الفائد في يوليو، لتجنب تباطؤ محتمل في سوق العمل. |
“رافائيل بوستيك” رئيس الفيدرالي في أتلانتا |
|
ذكر لـ “رويترز” أن الفيدرالي ليس بحاجة لخفض الفائدة في ظل تخطيط الشركات لرفع الأسعار لاحقًا هذا العام استجابة لزيادة التعريفات الجمركية، واستقرار سوق العمل. ويرى أن البنك سيحتاج للموافقة على خفض واحد فقط للفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في أواخر هذا العام. |
و تتعرض قيادة الاحتياطي الفيدرالي لضغوط سياسية متزايدة، تضعها أمام خيارين صعبين: إما خفض الفائدة بشكل حاد استجابةً لمطالب ترامب، ما قد يُفاقم التضخم ويضر بمصداقية البنك واستقلاليته، أو الاستمرار في سياسة «الانتظار والترقب» مع مواجهة المزيد من الانتقادات التي قد تضعف موقفه إذا تباطأ الاقتصاد بشكل حاد.
هذا الخلاف يؤدي إلى انقسام بين صانعي السياسات ويزيد من صعوبة مهمة «باول» في تحقيق التوازن بين المخاطر الاقتصادية والسياسية خلال الأشهر القادمة.
تتجاوز المخاطر الحالية مجرد أسعار الفائدة، إذ تنذر بالتأثير المستقبلي المحتمل للضغوط السياسية على استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، خاصة مع قرب انتهاء ولاية «باول» خلال أقل من عام. وقد تضع هذه الضغوط معيارًا لرئيس الفيدرالي القادم، مما يثير مخاوف من تحوّل البنك المركزي إلى أداة سياسية.
إذا ما اضطر محافظو الاحتياطي الفيدرالي لتلبية الضغوط السياسية بدلًا من اتخاذ قراراتهم استنادًا إلى البيانات الاقتصادية، فقد يتراجع الدور المركزي للاحتياطي الأمريكي في ترسيخ الثقة العالمية في السياسة النقدية.