اليورو يتراجع أمام الدولار مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط

في مستهل تعاملات الأسبوع، شهدت أسواق العملات تحولات حادة مع تراجع اليورو مقابل الدولار الأمريكي، نتيجة عودة المخاوف الجيوسياسية بقوة إلى الواجهة، خصوصًا بعد تصعيد عسكري غير مسبوق بين الولايات المتحدة وإيران.
تخلى اليورو عن مكاسبه الأخيرة وهبط بنسبة 0.6% أمام الدولار إلى مستوى 1.1452 دولارًا، مقارنة بإغلاق الجمعة عند 1.1521 دولارًا، بعد أن بلغ في وقت سابق من الجلسة 1.1507 دولارًا.
هذا التراجع جاء بعد ارتفاع محدود يوم الجمعة بلغ 0.25%، لكنه لم يكن كافيًا لتعويض الخسارة الأسبوعية التي قدرت بـ0.3% نتيجة عمليات تصحيح من أعلى مستوى بلغه اليورو منذ أربع سنوات عند 1.1631 دولارًا.
الأسواق الأوروبية باتت حذرة، وسط توقعات متراجعة بشأن قيام البنك المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة خلال يوليو المقبل، حيث يفضل صانعو السياسة انتظار إشارات أوضح بشأن الوضع الاقتصادي العام ومعدل التضخم قبل اتخاذ قرارات حاسمة في النصف الثاني من العام.
في المقابل، ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 0.4%، مسجلاً أعلى مستوى له في أسبوعين عند 99.16 نقطة، مدعومًا بعمليات شراء مكثفة للعملة الأمريكية باعتبارها ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات.
الطلب القوي على الدولار يعكس حالة القلق التي تسيطر على المستثمرين حول العالم، لا سيما مع تصاعد المخاوف من اندلاع مواجهة شاملة في الشرق الأوسط، إثر الضربات الأمريكية المكثفة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية حساسة.
نفذت الولايات المتحدة، خلال عطلة نهاية الأسبوع، هجومًا جويًا ضخمًا استهدف ثلاث منشآت نووية إيرانية: “فوردو”، “نطنز” و”أصفهان”، بمشاركة أكثر من 125 طائرة عسكرية، من بينها سبع قاذفات شبحية من طراز B-2 Spirit، التي ألقت قنابل خارقة للتحصينات تزن 30,000 رطل على منشأة فوردو المدفونة تحت جبل زاغروس.
كما أُطلقت 30 صاروخ “توماهوك” من غواصات أمريكية على مواقع في نطنز وأصفهان. الهجوم الأمريكي جاء بعد أسبوع من الضربات الإسرائيلية التي بدأت في 13 يونيو، والتي أشعلت جولة من الردود المتبادلة بين طهران وتل أبيب.
إيران أدانت بشدة الضربات الأمريكية، واعتبرتها “عدوانًا صارخًا” على سيادتها. وأكد وزير الخارجية عباس عراقجي أن بلاده سترد بقوة، بينما أعلن البرلمان الإيراني إغلاق مضيق هرمز، أحد أبرز ممرات الطاقة في العالم.
وفي تطور خطير، أطلق الحرس الثوري الإيراني صواريخ باليستية باتجاه إسرائيل، أصابت مواقع في تل أبيب وحيفا، وسط تزايد التحذيرات من أن المنطقة تتجه نحو صراع شامل.
الضربات الأمريكية ورد الفعل الإيراني أدخلا الأسواق المالية في حالة تأهب قصوى. ورغم أن صور الأقمار الصناعية أظهرت دمارًا واسعًا في بعض المنشآت الإيرانية، إلا أن الهدف الاستراتيجي المتمثل في تدمير البنية النووية بالكامل لم يتحقق بعد، مما يزيد من احتمالات التصعيد في الأيام المقبلة.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي خطاب عبر منصته “تروث سوشيال”، دعا إيران إلى “صنع السلام”، ملوحًا في الوقت ذاته بضربات إضافية في حال استهداف القوات أو المصالح الأمريكية في المنطقة.
اليورو تحت الضغط، الدولار يصعد كملاذ آمن، والأسواق تترقب القادم من الشرق الأوسط. ففي ظل مشهد دولي معقد، أصبحت الأحداث السياسية والعسكرية المحدد الأكبر لاتجاهات العملات العالمية، مع توقعات بمزيد من التقلبات في حال استمرار التصعيد بين واشنطن وطهران.