1.45 مليون فرصة عمل: هل سيتمكن المغرب من تحقيق هدفه في خفض البطالة؟

تسعى الحكومة المغربية إلى تقليص معدل البطالة إلى 9% بحلول عام 2030 من خلال خلق 1.45 مليون فرصة عمل، شريطة عودة التساقطات المطرية إلى مستوياتها المعتادة.
لكن، كيف يمكن للحكومة تحقيق هذا الهدف في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تشير إلى تراجع الإنتاج الزراعي؟
أعلنت الحكومة عن تخصيص 15 مليار درهم في قانون المالية لهذا العام لتعزيز التشغيل، حيث تم تخصيص 12 مليار درهم لتحفيز الاستثمار، ومليار درهم للحفاظ على مناصب الشغل في المناطق القروية، بالإضافة إلى ملياري درهم لتحسين كفاءة برامج إنعاش التشغيل.
كما وضعت خارطة طريق لتنفيذ سياساتها في مجال التشغيل، تتضمن 8 مبادرات رئيسية تهدف إلى خلق مناصب شغل جديدة والحد من فقدان الوظائف الحالية.
وفي هذا السياق، أشار بدر الزاهر الأزرق، الباحث في قانون الأعمال والاقتصاد بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، إلى أن الحكومة تتجه نحو تسريع جهودها للتصدي لمشكلة البطالة التي وصلت إلى 14%، حيث كانت هذه الأرقام “المقلقة” تستدعي وضع خطة جديدة.
وأضاف الأزرق أن التركيز لن يكون فقط على خلق مناصب شغل، بل أيضًا على إصلاح المنظومة الاقتصادية، خصوصًا في قطاع المقاولات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل أكثر من 99% من نسيج الاقتصاد المغربي.
وأكد الأزرق على أهمية إعادة تأهيل اليد العاملة في القطاعات المتأزمة، مثل الزراعة، التي يشغل فيها حوالي 250 ألف شخص غير مؤهلين للعمل في قطاعات أخرى.
وطالب بضرورة إعادة تأهيل هؤلاء العمال لدمجهم في القطاعات المتنامية، مشيرًا إلى أن أزمة البطالة لا تمس جميع القطاعات بنفس الطريقة، ما يستدعي استيعاب البطالة في القطاعات القوية.
كما أضاف أن هذه العملية تتطلب جهودًا كبيرة من الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات ومؤسسات التكوين المهني، بالإضافة إلى دور المجتمع المدني، مع ضرورة مراعاة مقاربة النوع الاجتماعي، حيث أن النساء هن الأكثر عرضة لمخاطر البطالة.
يؤكد الأزرق أن تحقيق أهداف الحكومة يتطلب دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة المستمرة، كونها تمثل النسيج الاقتصادي الأساسي للمغرب.
وأشار إلى أن هذه المقاولات بحاجة إلى تأهيل وتكوين مستمر لتمكينها من خلق المزيد من فرص العمل، خاصة مع الاعتماد الكبير على القطاع الخاص في هذا المجال.
كما شدد على أهمية الاستثمار في التكوين المهني وتعزيز دور الجامعات المغربية لتزويد الشباب بالمهارات اللازمة للعمل في القطاعات الأكثر إنتاجية.
يأتي إعلان الحكومة عن هذه الخطة في وقت يشهد فيه الاقتصاد المغربي تباطؤًا في النمو، خاصة في القطاع الزراعي بسبب الجفاف.
فقد تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.2% العام الماضي، وفقًا لصندوق النقد الدولي، ومن المتوقع أن يكون إنتاج القطاع الزراعي أقل من المعدلات المعتادة هذا العام.
وتتوقع مؤسسة “فيتش” الدولية أن ينمو القطاع غير الزراعي بشكل قوي، مدعومًا بالاستثمارات الكبيرة في قطاعات السيارات والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما يتوقع الخبراء أن يظل الاستهلاك الخاص قويًا رغم التحديات الاقتصادية، بفضل انخفاض التضخم وزيادة أجور القطاع العام.
من جهتها، تعتبر “فيتش للحلول” أن الموقع الاستراتيجي للمغرب وبيئة العمل المواتية سيزيدان من تدفقات رأس المال الأجنبي، متوقعة زيادة كبيرة في الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 55.4% في 2024، خاصة في ظل الاستعدادات لاستضافة كأس العالم 2030 بالتعاون مع إسبانيا والبرتغال.