الأسهمالاقتصادية

هل باتت التقلبات الحادة سمة دائمة في سوق الأسهم الأمريكية بعد ارتفاعها التاريخي؟

في خضم الهلع الذي اجتاح الأسواق العالمية يوم الخامس من أغسطس، وتأكيدًا على تمكن مشاعر الخوف من المتداولين، شهد مؤشر “فيكس”، الذي يقيس التقلبات المتوقعة في سوق الأسهم الأمريكي، أكبر زيادة في تاريخه خلال جلسة واحدة. 

وقفز المؤشر المعروف أيضًا باسم “مقياس الخوف في وول ستريت” بنحو 180% عند مرحلة ما من الجلسة متجاوزًا مستوى 65 نقطة، وهو مستوى لم يتخطاه سوى في مناسبتين، هما الأزمة المالية العالمية في 2008 وخلال صدمة “كوفيد- 19”.

وبما أن المؤشر يقيس توقعات المستثمرين لتقلب الأسواق خلال الشهر المقبل وفقًا لنشاط عقود الخيارات المرتبطة بمؤشر “إس آند بي 500″، كان منطقيًا أن يعني ذلك مزيدًا من الضغوط في سوق الأسهم خلال الأيام والأسابيع القليلة التالية، لكنه سرعان ما تراجع.

أغلق المؤشر في ذلك اليوم عند 38.5 نقطة تقريبًا، وذلك أكثر من المستوى الذي عادة ما يثير قلق المستثمرين، لكنه واصل التراجع إلى ما دون 15 نقطة خلال أيام، ما ترك المحللين في حيرة من أمرهم حول ما حدث وما سيحدث. 

هل التقلبات تتزايد بالفعل؟ 

– في تلك الجلسة هبط مؤشر “داو جونز” الصناعي بأكثر من ألف نقطة، مسجلًا أسوأ أداء يومي له في نحو عامين، وأيضًا سجل واحدا من أسوأ أيامه على الإطلاق وفقًا للخسائر المحسوبة بعدد النقاط. 

أسوأ الخسائر اليومية لمؤشر “داو جونز”

تاريخ الجلسة

مقدار الهبوط

(بالنقاط)

16 مارس 2020

2997

12 مارس 2020

2352

09 مارس 2020

2013

11 يونيو 2020

1861

11 مارس 2020

1465

18 مارس 2022

1338

13 سبتمبر 2022

1276

27 فبراير 2020

1190

05 فبراير 2018

1175

18 مايو 2022

1164

05 مايو 2022

1063

05 غشت 2024

1033

08 فبراير 2018

1032

24 فبراير 2022

1031

22 أبريل 2022

981

 

– وفقًا لبيانات “ستاتيستا”، فإن أسوأ 19 حالة هبوط يومي لمؤشر “داو جونز” منذ عام 1897 وحتى نهاية 2023، كانت في آخر 6 سنوات، وبإضافة جلسة الخامس من أغسطس الماضي يصبح الإجمالي 20 حالة. 

– بالطبع كانت أسوأ جلسة للمؤشر وفقًا للخسارة بالنسبة المئوية خلال نفس النطاق الزمني للبيانات، هي 19 أكتوبر عام 1987، أو الإثنين الأسود، عندما انخفضت قيمة المؤشر بنسبة 22.61%، لكن ذلك كان يعادل 508 نقاط فقط من قيمة المؤشر. 

– تعكس البيانات تكرار حالات الهبوط الحاد في السنوات القليلة الماضية، الطبيعة الجديدة لسوق الأسهم، حيث أصبح التداول أكثر تقلبًا والمعنويات يسهل إثارتها، خاصة نحو الخوف الهلع الذي سريعًا ما يتلاشى، وهو ما يفسر سبب الارتداد السريع أيضًا في وقت لاحق. 

– تواجه الأسواق فترات من التقلبات المتزايدة بشكل متكرر مؤخرًا، وينصح مستشارون ماليون بالتخطيط لتقلبات تصل إلى حتى 15% (وأكثر أحيانًا) من العائدات المتوسطة خلال عام معين. 

– يقول خبير التخطيط المالي “براد لاينبرجر” وهو رئيس ومؤسس شركة “سي سايد- Seaside”: “في عام واحد من كل خمسة أعوام، يجب أن تتوقع انخفاض ​​السوق بنحو 30%، وإذا لم تتمكن من التعامل مع مثل هذه التقلبات، فلا ينبغي لك أن تستمر في الأسهم لأن هذا هو المتوسط”. 

7cd98667 f628 4f1f 9b5f fa42211b23d2 Detafour 

هل أصبحت التقلبات الطبيعة الجديدة؟ 

– في مدونة لخبير التخطيط المالي ورئيس الاستثمار في شركة “فاينانشيال سينرجيز ويلث”، قال “مايك مينتر”، إن التقلبات آخذة في التزايد مؤخرًا لأسباب عدة منها تغير التوقعات بشأن التضخم والفائدة والنمو، والحذر بشأن أرباح الشركات وفوران الاقتصاد ، علاوة على المشهد الجيوسياسي المتغير سريعًا. 

– قالت شركة “داتا تريك” للبيانات في مذكرة إن مؤشر “إس آند بي 500” أصبح أكثر تقلبًا بشكل ملحوظ على مدار السنوات الستين الماضية، لكن العائدات لم ترتفع بشكل متناسب، مشيرة إلى أن الوزن الزائد النسبي لشركات التكنولوجيا الكبرى هو الذي يقود هذا الاتجاه الآن. 

– وفقًا لـ “داتا تريك” فإن تركيز شركات الـ7 العظماء في المؤشر أصبح هائلًا (34% منه تقريبًا)، فيما تظهر هذه المجموعة تقلبات أعلى في أسعار الأسهم مقارنة بالشركة العادية، وهذا يعني أن تقلب حفنة من الأسهم قد يتسبب بحركة كبيرة في المؤشر. 

– بعيدًا عن ذلك، يشير الأداء التاريخي لمؤشر التقلبات إلى أنه استغرق في المتوسط ​​170 جلسة للعودة إلى متوسطه طويل الأجل البالغ 17.6 نقطة بمجرد إغلاقه فوق 35 نقطة، وهو المستوى المرتبط بارتفاع قلق المستثمرين.

المدة التي استغرقها مؤشر فيكس للعودة إلى متوسطه بعد ارتفاعه فوق 35 نقطة

تاريخ جلسة الارتفاع

عدد الجلسات للعودة إلى المتوسط

07 مارس 2022

285

27 فبراير 2020

276

24 ديسمبر 2018

21

05 فبراير 2018

13

24 غشت 2015

32

08 غشت 2011

124

05 يوليو 2010

150

17 سبتمبر 2008

331

15 يوليو 2002

298

17 سبتمبر 2001

133

27 غشت 1988

222

30 أكتوبر 1997

177

6 غشت 1990

151

 

هل التقلبات كانت مبررة؟

– في إشارة إلى أحداث الخامس من أغسطس قال “بيير فيريت”، المحلل الفني في “أكتيف تريدز”: “هذا التحرك ليس فنياً، بل يُنظر إليه على أنه تداول خوف، حيث يقلل المستثمرون من تعرضهم للمخاطر ويبحثون عن الأمان، ومن هنا جاء الارتفاع في سندات الخزانة ومؤشر فيكس”.

– فيما قال “بيتر تشير”، كبير استراتيجيي الاقتصاد الكلي في “أكاديمي سيكيوريتيز”، إن ارتفاع المؤشر فوق 65 نقطة لم يكن مبررًا وكان كبيرًا نسبيًا مقارنة بحركة تداول الأسهم آنذاك، مشيرًا إلى أن مشكلات السيولة في سوق الخيارات ربما شوهت قراءات المؤشر.

– رفض محللو “بنك أوف أمريكا” أيضًا، التفسيرات الشائعة للارتفاع مثل تصفية الرهانات القائمة على المضاربة على “التقلبات قصيرة المدى”، وقالوا إن الصفقات في عقود الخيارات “غير السائلة” ربما كان لها تأثير كبير.

– على أي حال، وبغض النظر عن التفسيرات المختلفة، فإن هذا سبب آخر للاعتقاد أن احتمالات التقلبات آخذة في التزايد عبر قنوات وأدوات مالية مختلفة، لكن لا يجب أن يكون الحذر من التقلبات عائقًا أمام الاستثمار.

أفضل المكاسب اليومية لمؤشر “داو جونز”

تاريخ الجلسة

مقدار الارتفاع

(بالنقاط)

24 مارس 2020

2113

13 مارس 2020

1985

06 أبريل 2020

1627

26 مارس 2020

1351

02 مارس 2020

1294

10 نوفمبر 2022

1201

04 أبريل 2020

1173

10 مارس 2020

1167

26 ديسمبر 2018

1086

17 مارس 2020

1048

 

– هذه ليست دعوة للتشاؤم أو الخوف من موجات التقلب، التي تعد جزءًا أساسيًا وطبيعيًا من السوق ومن الاستثمار بشكل عام، وكما تتسبب في هبوط حاد للأسهم يعقبها ارتفاع قوي آخر.

– تظهر البيانات التاريخية، أن أفضل 20 جلسة على الإطلاق لمؤشر “داو جونز” من حيث عدد النقاط المضافة في الفترة الممتدة بين عامي 1897 و2023، تركزت جميعها في آخر عقدين، والأكثر أن 17 جلسة منها كانت الفترة بين 2020 و2023. 

– بتحليل أفضل وأسوأ الجلسات للمؤشر (بالجدولين 1 و3)، يتبين دائمًا أن فترات الانخفاض الحاد أعقبها فترات أخرى من الارتفاع القوي، لكن هذا لا يمنع أبدًا ضرورة الانتباه لتغيرات السوق للتأكد من عدم الهلع في أوقات اقتناص الفرص.

b6036a67 1f6c 4160 b8e8 4c426a3fd8cd Detafour
 

التالي: هدنة مؤقتة 

– في اليوم التالي للموجة البيعية في الخامس من أغسطس، قال بنك “يو بي إس”، إن التقلبات “قصيرة الأجل” في سوق الأسهم “لا تزال قائمة”، وإن أي انتعاش لن يحدث إلا في أكتوبر، أو حتى بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر. 

– أيد الرئيس التنفيذي للبنك توقعات محلليه في مقابلة صحفية، قائلًا إن التقلبات تصبح أكثر حدة بالأسواق في النصف الثاني، مضيفًا أن مؤشرات الاقتصاد الكلي ليست واضحة بما يكفي للحديث عن الركود، لكن التقلبات ستكون أعلى بسبب الانتخابات والظروف الجيوسياسية. 

– في حين يرى محللو “جولدمان ساكس” أن الموجة البيعية “لم تستمر مدة كافية”، فإنها لا تعني بالضرورة الدخول في حالة “سوق هابط”، لكن هذا أيضًا لا يعني انتهاء التقلبات. 

– في 21 أغسطس، عاد محللو “يو بي إس” للتحذير من التقلبات، وقال “جيري فاولر”، رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية واستراتيجية المشتقات العالمية لدى البنك، إن ارتفاع التقلبات في الخامس من أغسطس كان “رد فعل مبالغ فيه للغاية”. 

– مع ذلك، ذكر “فاولر” أن الهدوء الأخير في التقلبات كان “رد فعل مبالغ فيه أيضًا”، حيث من المتوقع تجدد التقلبات (ولكن بشكل أكثر اعتدالًا) مع استمرار عدم اليقين، وسيكون المحرك الرئيسي لذلك معرفة إذا كان الاقتصاد الأمريكي سيتعرض لهبوط حاد أم ناعم، ومدى تأثر سوق العمل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى