اقتصاد المغرب

نمو القروض البنكية في المغرب يعكس ديناميكية إيجابية رغم التحديات الاقتصادية

شهد القطاع البنكي المغربي في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 زيادة ملحوظة في حجم القروض الموزعة، حيث تم تقديم أكثر من 22 مليار درهم، بزيادة قدرها 4.9% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

ومن المتوقع أن يتفوق نمو القروض البنكية على نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.4 نقطة مئوية خلال السنوات الثلاث المقبلة، مما يعكس استقرار النظام البنكي المغربي رغم التحديات الاقتصادية التي يشهدها السوق المحلي.

يعود هذا النمو إلى خفض بنك المغرب لسعر الفائدة الرئيسي في يونيو، ما ساعد في استعادة النشاط البنكي. وبحسب بيانات شهر شتنبر، شهدت جميع القطاعات تحسناً ملموساً، مما يدل على تأثير السياسة النقدية الإيجابي على النظام المالي المغربي بشكل عام.

تزامناً مع الإجراءات النقدية الأخيرة، سجلت أسعار الفائدة الدائنة تراجعاً ملحوظاً في الربع الثالث من عام 2024. وفقاً لأحدث استطلاع ربع سنوي لبنك المغرب، انخفضت الأسعار إلى 5.21% مقارنة بـ5.43% في نفس الفترة من عام 2023.

كما تراوحت أسعار الفائدة على أنواع القروض المختلفة بين 5.08% للقروض قصيرة الأجل، 5.26% لقروض شراء المعدات، 5.24% للقروض العقارية و7.06% للقروض الاستهلاكية.

وبحلول نهاية سبتمبر 2024، تجاوز إجمالي القروض البنكية حاجز 1.100 مليار درهم، مما يعكس الطلب المرتفع على التمويل في مختلف القطاعات.

كما سجلت القروض الموجهة للقطاع غير المالي زيادة بنسبة 3.3%، في حين ارتفعت القروض الموجهة للقطاع المالي بنسبة 13.4%، ما يعكس أداءً إيجابياً للاقتصاد الوطني.

ورغم النمو الملحوظ في بعض القطاعات، فإن القروض العقارية لا تزال تواجه تحديات. فقد سجلت القروض الموجهة للمطورين العقاريين زيادة بنسبة 7.5%، بينما شهدت القروض السكنية زيادة ضئيلة بلغت 1.9% فقط، وهو نمو أقل من المعدل السنوي الذي سُجل بين 2015 و2022.

و يعود هذا التباطؤ إلى ترقب المشترين في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وأسعار الفائدة، رغم التدابير الحكومية الموجهة لتحفيز قطاع الإسكان.

أما القروض الاستهلاكية، فقد تأثرت بشكل كبير بضغط التضخم، حيث سجلت زيادة متواضعة بلغت 1.1% فقط، لتصل إلى 58.4 مليار درهم، مما يعكس استهلاكاً حذراً بسبب القيود المالية السائدة.

و على صعيد القروض الموجهة للمؤسسات العامة والخاصة، سجلت القروض الموجهة للمؤسسات العامة زيادة قوية بنسبة 14.9%، مع زيادة كبيرة في القروض قصيرة الأجل (+57%)، رغم تراجع قروض شراء المعدات بنسبة 8.3%.

كما شهدت القروض الموجهة للمؤسسات الخاصة زيادة بنسبة 2%، مما يعكس تحسناً ملحوظاً في النشاط الاقتصادي، خاصة في القطاعات التي تعتمد على المعدات والتمويل قصير الأجل.

أما على مستوى القطاعات الاقتصادية، فقد سجلت قطاعات “البناء والأشغال العامة” (+22.4%) و”الكهرباء والغاز والمياه” (+11.3%) زيادات ملحوظة في القروض الموجهة لها، مما يعكس النمو في هذه المجالات الاستراتيجية.

و في المقابل، شهدت قطاعات “التجارة وإصلاح السيارات” (-5.9%) و”الصناعات التحويلية المتنوعة” (-7.6%) انخفاضات في التمويل، وهو ما يعكس التحديات التي تواجهها هذه القطاعات في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.

ورغم الأداء الإيجابي في معظم القطاعات، ارتفعت القروض المتعثرة بنسبة 3.4% في سبتمبر 2024، مما رفع نسبتها إلى 8.6% من إجمالي القروض. وكانت هذه الزيادة أكثر وضوحاً في القطاع الخاص غير المالي (12.6%) والأسر (10.7%)، مما يعكس التحديات المستمرة التي تواجه البنوك في إدارة مخاطر الائتمان.

تتوقع التقارير أن يستمر نمو القروض البنكية في المغرب خلال عامي 2024 و2025، مع تفوق القروض على نمو الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 2.4 نقطة في المتوسط.

ويرجع هذا إلى الاستثمارات الكبيرة المنتظرة في مشاريع ضخمة مثل تحديث البنية التحتية لاستضافة كأس العالم 2030، التحول الطاقي، إعادة إعمار منطقة الحوز بعد الزلزال، وتطوير مشاريع الطرق السريعة والسكك الحديدية.

يُتوقع أن يخلق هذا التحول الهيكلي احتياجات تمويلية ضخمة تقدر بحوالي 1.000 مليار درهم حتى عام 2030، ما سيعزز دور القطاع البنكي المغربي في تمويل هذه المشاريع الكبرى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى