ما تداعيات إدانة ترامب جنائيا على مسار ترشحه للانتخابات الرئاسية؟
على الرغم من إدانته بمجموع التهم الـ34 الموجهة إليه في قضية تزوير سجلات محاسبية لإخفاء دفعه أموالا لشراء صمت ممثلة أفلام إباحية، سيتمكن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية، بل سيكون بإمكانه ذلك حتى وإن صدرت عقوبة السجن بحقه ودخل السجن فعلا، إذ لا يمنع دستور الولايات المتحدة أصحاب السوابق من تولي الرئاسة.
في المقابل، لن يتمكن ترامب في حال عودته إلى البيت الأبيض من العفو عن نفسه أو إصدار أمر ينهي الملاحقات ضده في هذه القضية، ذلك أن القضاء المسؤول عنها تابع لولاية نيويورك وليس للدولة الفدرالية.
و بات دونالد ترامب أول رئيس أمريكي سابق يدان جنائيا الخميس، إلا أن ذلك لن يحول دون مواصلة الملياردير الأمريكي حملته الانتخابية للعودة إلى البيت الأبيض، ذلك أن دستور الولايات المتحدة لا يمنع أصحاب السوابق من تولي الرئاسة.
ومن مفارقات هذه المحاكمة أن المرشح الجمهوري الذي كان يتأفف من اضطراره للابتعاد عن الحملة الانتخابية في كل يوم تعيّن عليه حضور الجلسات منذ انطلاقها في 15 أبريل، أي بمعدل أربعة أيام في الأسبوع، استعاد بحُكم الإدانة الذي صدر بحقه حريته كاملة، أقله لغاية مطلع يوليو.
وبانتظار النطق بالحكم، أطلق القاضي سراح ترامب من دون كفالة.
موعد النطق بالعقوبة بحق ترامب يأتي قبل أربعة أيام فقط من المؤتمر الذي سيتم فيه رسميا تعيين الملياردير المثير للجدل مرشحا الحزب للجمهوري للانتخابات الرئاسية المقررة في 5 نوفمبر.
وأمهل القاضي فريق الدفاع عن ترامب حتى 13 يونيو لتقديم دفوعه قبل صدور العقوبة، والنيابة العامة حتى 27 يونيو للردّ على هذه الدفوع.
وخلال مؤتمر صحافي رحب فيه بحكم الإدانة الذي أصدرته هيئة المحلفين، قال المدعي العام ألفين براع إن “هيئة المحلّفين قالت كلمتها” حين وجدت المتهم مذنبا بكل التهم الـ34 الموجهة إليه.
وأضاف أن “الصوت الوحيد الذي يهم هو صوت هيئة المحلفين، وهيئة المحلفين قالت كلمتها”، مشيرا إلى أن أعضاء الهيئة الـ12 أصدروا بالإجماع قرارهم بإدانة المدعى عليه “بـ34 تهمة تتعلق بتزوير محاسبي مشدد لإخفاء مؤامرة هدفها إفساد انتخابات 2016”.
ويواجه ترامب نظريا عقوبة السجن، إذ يُعاقب القانون في ولاية نيويورك على تزوير المستندات المحاسبية بالسجن لمدة أقصاها أربع سنوات.
لكن هذه العقوبة يمكن تخفيفها في حال لم يكن المدان من أصحاب السوابق الجنائية، وهو ما ينطبق على ترامب الذي سيكون عمره وقت النطق بالعقوبة بحقّه 78 عاما.
وبالنظر إلى السجل العدلي للمدان، يمكن للقاضي أن يحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ، أو بالقيام بأعمال لخدمة المجتمع، بالإضافة إلى غرامة مالية.
وفي مطلق الأحوال فإن ترامب أمامه مهلة شهر واحد لإخطار القضاء بنيته استئناف الحُكم، ومن ثم أشهر عدة للقيام بذلك رسميا.
وما هي إلا ساعات على صدور الإدانة حتى أعلن المحامي تود بلانش، وكيل الدفاع الأساسي عن ترامب في هذه القضية، أن فريق الدفاع سيستأنف “في أقرب وقت ممكن” الحكم.
وقال بلانش لشبكة “سي إن إن” الإخبارية “سنستأنف الحُكم في أقرب وقت ممكن”، موضحا أنه “في نيويورك، تقضي الإجراءات بأن يتم النطق بالعقوبة أولا، ومن ثم نستأنف”.
ومن المرجح أن يؤدي استئناف الحُكم إلى تجميد مفاعيل كل العقوبات المتأتية عنه ولا سيما إذا كانت إحدى هذه العقوبات هي السجن مع النفاذ.
ومن المفارقة أيضا أن إدانة ترامب هذه لا تبطل ترشحه للانتخابات الرئاسية، لا بل سيكون بإمكانه أن يخوض الانتخابات حتى وإن صدرت عقوبة السجن بحقه ودخل السجن فعلا.
وفور صدور الحكم، سارع ترامب إلى التنديد بمحاكمة “مزيفة”، معتبرا الحكم الصادر بحقه “عارا” لأنه “رجل بريء”، ومؤكدا بنبرة ملؤها التحدي أن “الحكم الحقيقي” سيصدره الناخبون يوم الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر.
ومن غير المرجح أن تنطلق محاكمة ترامب في هذه القضية بالاستئناف قبل الانتخابات الرئاسية.
وإذا فاز ترامب في الانتخابات الرئاسية فإن إدانته هذه لن تحول دون توليه مهام منصبه في كانون الثاني/يناير 2025.
بالمقابل، لن يتمكن ترامب إذا ما عاد إلى البيت الأبيض من أن يعفو عن نفسه أو أن يُصدر أمرا بكف الملاحقات في هذه القضية، ذلك أن القضاء المسؤول عنها تابع لولاية نيويورك وليس للدولة الفدرالية.