ماذا بعد انتهاء العفو الضريبي؟ السيناريوهات المُحتملة للاقتصاد المغربي
تستمر الأسواق المالية في المغرب في متابعة دقيقة لمستجدات العفو الضريبي الذي أطلقته الحكومة في عام 2024، في وقت يقترب فيه موعد انتهاء فترة الاستفادة من هذا البرنامج مع اقتراب نهايتها بعد يومين فقط.
هذه المبادرة أثارت اهتمامًا واسعًا حول تأثيراتها المرتقبة على مختلف القطاعات المالية، حيث يُتوقع أن تلعب دورًا بارزًا في تعزيز السيولة البنكية وتحفيز أسواق رأس المال.
من جانبها، شهدت المديرية العامة للضرائب والبنوك المغربية نشاطًا مكثفًا خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية، حيث عملت على استيعاب الأفراد والشركات الذين تأخروا في التقدم للاستفادة من العفو.
ويتضمن هذا العفو، الذي تم الإعلان عنه في إطار قانون المالية لعام 2024، تسوية الأوضاع الضريبية للأفراد والشركات فيما يتعلق بالأصول داخل وخارج المغرب، بما في ذلك الأموال النقدية المخزنة في المنازل أو الشركات.
على الرغم من أن الأثر النهائي لهذه المبادرة لا يزال قيد المتابعة، تشير المؤشرات الأولية إلى أن العفو الضريبي قد يسهم في تحفيز القطاع البنكي وأسواق رأس المال، خاصة في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء وطنجة، بالإضافة إلى المناطق الاقتصادية الحيوية مثل الغرب وسوس.
وتؤكد تصريحات الوزير المنتدب المكلف بالميزانية وبعض الخبراء على أهمية هذه المبادرة في الأيام الأخيرة من تطبيقها.
تستهدف الضريبة التصالحية تسوية الأوضاع الضريبية مقابل دفع مبالغ مالية نهائية، وتغطي أنواعًا متعددة من الأصول بما في ذلك العقارات والأموال النقدية.
كما تشمل الأصول غير المعلنة المدرة للدخل مثل الودائع البنكية، مع تركيز خاص على الأموال النقدية والعقارات غير المهنية وحسابات الشركاء الجارية.
تختلف معدلات المساهمة بناءً على نوع الأصول وتاريخ تسوية الأوضاع الضريبية، حيث يتضمن العفو حوافز ضريبية للمصرحين الجدد، مثل معدل اقتطاع ضريبي منخفض قدره 5% في العفو الثاني.
من المتوقع أن يسهم هذا العفو في زيادة السيولة البنكية في المستقبل القريب، حيث تساهم الودائع الناتجة عن هذه المبادرة في التخفيف من مشكلة العجز المزمن في السيولة الذي واجهته البنوك المغربية في السنوات الأخيرة، والتي وصلت إلى مستويات قياسية في عام 2024.
وبمساعدة من بنك المغرب، سيتم تقليص الضغط على البنوك، مما يقلل من حاجتها إلى إعادة التمويل على المدى القصير ويعزز استقرار سوق المال.
فيما يخص سوق رأس المال، يُتوقع أن يسهم التدفق النقدي الناتج عن العفو الضريبي في توجيه المدخرات نحو الأسواق المالية، خصوصًا في استثمارات ذات مزايا ضريبية مثل التأمين على الحياة وصناديق الاستثمار الجماعي.
ويُتوقع أن يؤدي هذا التحرك إلى زيادة الاشتراكات في سوق السندات، مما يسهم في توفير السيولة اللازمة لأسواق الأوراق المالية. كما ستساعد الإيرادات المحصلة من العفو في تحسين الوضع المالي للخزانة العامة، وتقليص احتياجاتها التمويلية في أسواق المال.
ختامًا، من المنتظر أن تتضح الصورة بشكل أكبر مع صدور الأرقام النهائية المتعلقة بمبادرة العفو الضريبي.
ويُتوقع أن تسهم هذه الإجراءات في تعزيز السيولة وتحفيز الاستثمارات وزيادة الشفافية المالية على المدى الطويل، مما يعزز كفاءة الاقتصاد الوطني ويزيد من جاذبيته على الساحة العالمية.