كيفن رود يكشف التحولات الكبرى في الصين في كتابه “حول شي جين بينغ”
في كتابه الجديد “حول شي جين بينغ”، يقدم كيفن رود، رئيس الوزراء الأسترالي الأسبق، تحليلاً عميقًا للتحولات التي شهدتها الصين في مجالات السياسة والاقتصاد والعلاقات الخارجية تحت قيادة الرئيس شي جين بينغ.
الكتاب يعد إضافة كبيرة للدراسات السياسية المعاصرة، ويعكس خبرة رود الطويلة في الشؤون الدولية ورؤيته النقدية للسياسات الصينية.
يستعرض رود في كتابه الأيديولوجيا المتجددة التي يصفها بـ “القومية الماركسية”، وهي الأيديولوجيا التي كان لها دور محوري في إعادة تشكيل مسار الصين داخليًا وخارجيًا. ويُعتبر هذا العمل مرجعًا أساسيًا لفهم التطورات الكبرى في الصين وتأثيراتها على الساحة الدولية.
و منذ تولي شي جين بينغ مقاليد الحكم في 2012، شهدت الصين تحولات جذرية في سياستها الداخلية والخارجية، حيث انحرف المسار السياسي والاقتصادي عن نهج “الإصلاح والانفتاح” الذي تبناه سابقيه مثل دينغ شياو بينغ وجيانغ زيمين.
وفقًا لرود، فقد قاد بينغ تحولا أيديولوجيًا شاملًا، حيث تحول السياسة الداخلية نحو “اليسار اللينيني”، والاقتصاد نحو “اليسار الماركسي”، بينما اتجهت السياسة الخارجية نحو “القومية المتشددة”.
و يشير رود إلى أن الأيديولوجيا كانت تعتبر عنصرًا هامًا في نظام الحزب الشيوعي الصيني، ولكنها تراجعت في فترة الإصلاحات الاقتصادية التي قادها دينغ شياو بينغ.
إلا أن شي جين بينغ أعاد الأيديولوجيا إلى قلب النظام الحاكم، حيث عمل على تعزيز سلطته من خلال تقليص دور الشركات الخاصة وزيادة نفوذ الشركات المملوكة للدولة، مع التقليل من الاعتماد على السوق العالمية.
على الصعيد السياسي، أغلق بينغ الباب أمام أي محاولات لتوسيع المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات، متبنيًا نهجًا أكثر حذرًا في التعامل مع الغرب، ومنافِسًا للنظام الدولي القائم من خلال مبادرات مثل “الحزام والطريق”.
يتطرق رود إلى دور الأيديولوجيا في تشكيل السياسة الخارجية للصين تحت قيادة شي جين بينغ. يرى رود أن الصين تسعى من خلال سياساتها الخارجية إلى تعزيز نفوذها العالمي والتحدي العلني للهيمنة الأمريكية. كما يشير إلى أن الصدام الأيديولوجي بين الصين والغرب بات أمرًا لا مفر منه، ويتخذ هذا الصراع أشكالًا متعددة تتجاوز الصراع العسكري المباشر.
يُلاحظ أن بينغ يتبع استراتيجية متعددة الأبعاد تشمل استثمارًا كبيرًا في البنية التحتية العالمية، والتوسع البحري، وزيادة التأثير الثقافي، بهدف تحقيق أهدافه الاستراتيجية. ومع ذلك، يحذر رود من أن خطر اندلاع صراع عسكري حول تايوان لا يزال قائمًا، خصوصًا مع التصعيد المتزايد في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة.
و من خلال تحليله، يرى رود أن شي جين بينغ يعتقد أن الصين اليوم أصبحت قوية بما يكفي لاستعراض قوتها على الساحة الدولية، خلافًا لسياسات أسلافه الذين فضلوا سياسة “إخفاء القوة وانتظار الوقت المناسب”.
ويعتقد رود أنه إذا استمر شي في القيادة لعقد أو أكثر، فإن نهجه الأيديولوجي قد يصبح جزءًا أساسيًا من هوية الصين الحديثة. بينما إذا غادر المشهد السياسي في وقت مبكر، قد تشهد الصين تحولًا نحو سياسات أكثر مرونة، وهو نمط تاريخي من “التشديد ثم الانفراج”.
يعد كتاب “حول شي جين بينغ” دليلًا شاملاً لفهم التحولات الجوهرية في الصين، وأثرها المتزايد على الساحة الدولية. لا يقتصر الكتاب على سرد الأحداث التاريخية، بل يغوص في عمق السياسات الصينية ودوافعها الأيديولوجية، مما يجعله مرجعًا قيمًا لصنّاع القرار، الأكاديميين، ورجال الأعمال.
من خلال تحليله العميق والمفصل، يقدم كيفن رود رؤى استراتيجية حول المستقبل السياسي والاقتصادي للصين، مما يساعد القارئ على استشراف التحديات والفرص التي تطرأ من جراء السياسات الصينية الجديدة على العالم.